الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٦٧
بعوضة لما سقى منها كافرا شربة ماء، حسب قول الرسول الأعظم (ص)، فيزيد يرى نفسه ان الله قد أعزه وأصفى له الملك والسلطان بعد قتل الحسين (ع)، لذلك طغى وبغى ولم يلتفت إلى ان ما قاله ليس هو تأويل الآية الصحيح كما تجاهل ان الملك الذي يمدح عليه الإنسان إذا كان بالاستحقاق والعدل لا بالظلم والجور وان الله انما يعز من يشاء بالطاعة ويذل من يشاء بالمعصية ولكن من يستطيع - في تلك الساعة - ان يقوم له ويرد عليه هذا التوهم الباطل والحسبان المزيف.
نعم قامت له في الحال عقيلة قريش الصديقة الصغرى زينب الكبرى فكسرت الفقار من ظهره وألقمته حجرا بخطبتها الرائعة حيث قالت (ع):
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، صدق الله سبحانه حيث يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ([الروم / 11] أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ان بنا على الله هوانا وبك عليك كرامة، وان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلا مهلا لا تطشن جهلا أنسيت قول الله تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ([آل عمران / 179]... الخ (1).

(1) راجع المصدر السابق، مقتل الحسين ص 64 ج 2.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 373 374 375 376 ... » »»