الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٥٨
وهذا هو شأن الحياة الدنيا لا تستقيم مع أحد ولا تصفو مع إنسان، وراحتها ممزوجة بعناء.
حلاوتها ممزوجة بمرارة.
فإذا كان الإنسان حريصا عليها كل الحرص متكالبا عليها كل التكالب فلا بد وأن يكون في كثير من أوقاته مهموما مغموما على سوء صنيعها به متأسفا على ما فاته منها حتى يصبح عرضة للآلام وهدفا للأسقام بسبب تلك الهموم المتوالية عليه.
ولكن الدين الإسلامي الحنيف بفضل تعليماته الرشيدة وتوجيهاته السديدة عالج هذا الأمر علاجا حاسما وقضى على هذا الداء الخطير - إن عمل به - قضاء مبرما وذلك حيث ندب الناس - في القرآن المجيد والسنة النبوية الغراء وتعاليم أهل بيت العصمة فعلا وقولا - إلى الزهد في الحياة الدنيا والإعراض عن لذائذها الزائلة وشهواتها الفانية وشوقهم إلى الحياة الأخرى وما فيها من النعيم الأبدي والسعادة الخالدة التي لا يشوبها ألم ولا يكدر صفوها هم.
فمن رغب في الحياة الأخرى التي هي (خير وأبقى (على حد تعبير القرآن المجيد زهد في الحياة الدنيا وذهب حرصه عليها واستسهل في سبيل الوصول إلى تلك الحياة السعيدة كل صعب وهان عليه كل خطب وصبر على كل بلاء فلم يأسف حينئذ على ما فاته ولم يفرح بما آتاه لأنه لا يجد لهذه الحياة قيمة ذات أهمية باعتبار انها فانية حتى يحزن على ما فاته منها أو يفرح بما أوتي فيها، وهو الزهد الذي يرتاح به الضمير
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»