الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٦٧
فهذا الصحابي الجليل وصل إلى ما وصل إليه من رسوخ الإيمان في قلبه بسبب آية العدل والإحسان على ما روى المفسرون عنه أنه قال:
كنت قد أسلمت استحياءا من رسول الله (ص) لكثرة ما كان يعرض علي الإسلام ولكن لم يستقر في قلبي حتى كنت ذات يوم جالسا عنده وهو يحدثني إذ شخص ببصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئا فلما سرى عنه سألته عن حاله فقال: نعم بينما أنا أحدثك إذ جاءني جبرئيل بهذه الآية: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (فلما سمعتها استقر الإسلام في قلبي فأتيت عمه أبا طالب فأخبرته بذلك فالتفت إلى من حوله من قريش وقال لهم: يا آل قريش اتبعوا محمدا (ص) ترشدوا فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق... (1) إيمان أبي طالب ونصرته للنبي (ص) وهذه الرواية ذكرها أغلب المفسرين من الخاصة والعامة فانظر كيف كان أبو طالب يحرض قريشا على اتباع رسول الله (ص) وان الرشد باتباعه وإنه لا يأمرهم إلا بمكارم الأخلاق، فكيف إذن يصح ما نسبوه إليه من الكفر وإنه مات كافرا. هذا مع ما كان عليه أبو طالب من نصره النبي (ص) والدفاع عنه ومدح ما جاء به من الدين عن ربه سرا وعلانية فعلا وقولا شعرا ونثرا، وقد حدث التاريخ بصدور ذلك منه ولا خلاف فيه.

(1) راجع (مجمع البيان) للطبرسي ج 3 ص 380، و (مفاتيح الغيب) للرازي ج 5 ص 341، و (الميزان) للطباطبائي ج 12 ص 374.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»