الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٦٥
(ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ([النساء / 101] (1).
ترجمة عثمان بن مضعون ورسوخ الإسلام في قلبه ومن مزايا هذه الآية الكريمة أيضا إنها صارت سببا في رسوخ الإسلام في قلب عثمان بن مضعون الجمحي القرشي ويكنى أبا السائب وكان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة وعقلائهم وهو ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية (2)، وكان يقول: لا أشرب شرابا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي.
فلما حرمت الخمر بعد الهجرة جيء إليه وهو بالعوالي فقيل له: يا عثمان قد حرمت الخمر. فقال: تبا لها قد كان بصري فيها ثاقبا. وهو من

(١) راجع (الدر المنثور) للسيوطي ج ٤ ص ١٢٨ نقلا عن الباوردي وابن السكن وابن مندة وأبي نعيم في (معرفة الصحابة) والأموي في (مغازيه) و (تفسير المراغي) ج ١٤ ص ١٣١ نقلا عن الحافظ أبي يعلى في كتابه (الصحابة)، و (الإصابة) لابن حجر العسقلاني ج ١ ص ١١٩ و (الاستيعاب) لابن عبد البر ج ١ ص ١٣٨ في (ترجمة الأحنف) وراجع تفصيل ترجمته في (إكمال الدين) للصدوق ص ٥٣٠ - ٥٣٤ و (مكاتيب الرسول) لعلي بن حسين الأحمدي ج ١ ص ١٥٥ - ١٥٨ و (تفسير ابن كثير الدمشقي) ج ٢ ص ٥٨٢.
(٢) في طليعة النوابغ والأفذاذ الذين حرموا الخمر على أنفسهم أيام الجاهلية جعفر بن أبي طالب الطيار شقيق أمير المؤمنين (ع) فإنه ما شرب الخمر ولا زنى ولا كذب ولا سجد لصنم، وقد شكر الله عز وجل له ترك هذه الخصال الأربع حيث يروي لنا = = الصدوق في كتابيه (علل الشرائع) ج 2 ص 558 و (الأمالي) ص 46 ونقله عنهما المجلسي في (البحار) ج 22 ص 272 بسنده عن أبي جعفر الباقر (ع) انه قال: أوحى الله إلى رسول الله: إني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربعة خصال فدعاه النبي (ص) فأخبره فقال جعفر: لو لا أن الله أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قط لأني علمت إن شربتها زال عقلي، وما كذبت قط لأن الكذب ينقص المروءة، وما زنيت قط لأني خفت أني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنما قط لأني علمت انه لا يضر ولا ينفع. قال: فضرب النبي (ص) يده على عاتقه وقال: حق على الله ان يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»