الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٥١
5 - خاتمة الآية الكريمة وارتباط بعضها ببعض بعد أن أمرنا الله تعالى باجتناب الكثير من الظن وأخبرنا أن بعض الظن أثم ثم نهانا عن التجسس ثم نهانا ان يغتاب بعضنا بعضا ثم شبه المستغيب بآكل لحم أخيه ميتا، بعد ذلك أمرنا بالتقوى وأخبرنا انه تعالى تواب رحيم.
وفي مجموع ما في الآية الشريفة من الأوامر والنواهي والأخبار والتشبيه ارتباط وثيق بعضها ببعض وبيان هذا الارتباط هو أن الله تعالى لما أمرنا أولا باجتناب الظن السيء بالمؤمنين بقوله: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم (أي لا تقولوا في حق المؤمنين سوءا بناءا على الظن وبدون علم، فهنا ربما يقول بعض الناس: اني لا أظن سوءا بالمؤمنين ولكنني أتحرى ما بهم من سوء الأعمال والأقوال وابحث عنها حتى أعملها فأكون سالما من سوء الظن بل متيقنا به، لذلك نهانا ثانيا عن التجسس الذي هو تتبع آثار المؤمنين وعثراتهم، وربما يقول آخرون: إنا لا نظن السوء ولا نتجسس لتحصيله ولكننا إذا علمناه علم اليقين وبدون تجسس ونريد ان نذكر ذلك في غيبته فلذا نهانا ثالثا عن القول السيء فيهم مع العلم به وهو الغيبة، ففي الأول أمرنا باجتناب ما لا نعرف من السوء ثم نهى عن تطلب تلك المعرفة والتحري لها ثم نهى عن ذكر ما عرف منه وحيث ان ذلك كله مناف للتقوى لذا قال بعد ذلك: (واتقوا الله (أي احذروا الله وخافوا من عقابه في امتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه.
حقيقة التقوى ومعطياتها العامة والخاصة للدنيا والآخرة
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»