الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٤٨
نعم هكذا يجب أن يكون المؤمن مع أخيه المؤمن الآخر منبها له على عيوبه وأخطائه مظهرا شفقته عليه حتى يضيف إلى حسناته حسنات أخر وإلا فليستر عليه عورته وعيبه فإنه بذلك يحظى بأجر عظيم أبانه لنا نبينا محمد (ص) حيث قال في بعض أحاديثه الشريفة: من رأى من مسلم عورة فسترها كان كمن أحيى موؤودة من قبرها.
والموؤودة في اللغة هي الفتاة المدفونة وهي حية وقد كان الجاهلون يفعلون ذلك لإيثارهم الذكر على الأنثى وقد نقم الله عليهم ذلك بقوله تعالى: (وإذا الموؤودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت ([التكوير / 9 - 10]، فالرسول الكريم (ص) يجعل في هذا الحديث ستر عورة المسلم أجره كأجر من ينقذ الموؤودة من القتل والموت، وتدبر عظيم قوله (ص) في هذه الكلمة: من رأى من مسلم عورة فسترها ولم يقل من سمع بعورة مسلم فسترها أو من ستر عورة مسلم بل قال: من رأى من مسلم عورة فسترها وذلك لأن ستر العورة بعد اليقين بوجودها فيه ورؤيته لها أعظم أجرا عند الله من الستر عليها بغير اليقين بها، وتأمل أيضا في قوله (ص): من رأى من مسلم عورة ولم يقل من أحد، وفي قوله: كمن أحيى موؤودة ولم يقل مسلمة إذ لحظ ان التحابب والتآلف والتستر إنما يجب على المسلم تجاه المسلم الآخر، وأما إنقاذ الحياة من الموت فهو واجب الإنسان تجاه الإنسان الآخر لذلك قيد ستر العيب بالإسلام وأطلق إنقاذ الموؤودة من أي قيد ديني أو مدني لأن الكرامة على الله في الموؤودة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة والكرامة على الله لمن ينقذها سواء كان مسلما أو غير مسلم فتبارك الله الذي بعث محمدا رحمة للعالمين.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»