الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٤٠
والعجيب في الأمر ان هؤلاء السياسيين ممن تسمى باسم الإسلام، أم كانوا غير مسلمين من شرقيين أو غربيين كلهم يعدون التجسس جريمة كبرى يعاقبون عليها أشد المعاقبة بحيث ينزلون بمن اتهم بالتجسس عليهم حكم الإعدام غالبا والسجن المؤبد أو النفي والطرد على الأقل وهم مع ذلك يتجسسون على شعوبهم وعلى الدول الأخرى وشعوبها ولا يعدونه بالنسبة إليهم جريمة بل يجعلونه حقا طبيعيا لهم، ويعلنون - خداعا ومكرا - ان هذا الحق انما هو لصالحهم وصالح شعوبهم، ومن هنا نراهم قد نصبوا له الدوائر العديدة المسماة بالاستخبارات والأمن، وحتى ان الدول الكبرى أحدثت لهم أقمارا اصطناعية للتجسس على الدول والشعوب، وهكذا تفشت هذه الجريمة بين جميع الدول وشعوبها باسم الصالح العام.
وإذا كان كذلك إذا لم يعاقبون المتجسسين الآخرين بأشد العقاب؟ (والله من ورائهم محيط ([البروج / 21].
قصة طريفة في التجسس وقد استعمل التجسس أحد أمراء المسلمين في الصدر الأول من الإسلام ومن سمى نفسه ب‍ (أمير المؤمنين) كما روى لنا ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) ومحب الدين الطبري الشافعي في (الرياض النضرة) والسيوطي في (الدر المنثور) والغزالي في (أحياء العلوم) وغيرهم: ان أحد أمراء المسلمين كان يعس ليلا - أي يطوف بالمدينة متجسسا - فمر ليلة بدار سمع فيها صوتا فارتاب وتسور على تلك الدار فرأى رجلا عنده امرأة وزق فيه خمر - أي إناء فيه خمر - فقال له: يا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»