وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٢١
حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون) [البقرة: 132 - 133].
وبينت الدعوة الخاتمة بأنها تؤمن بكل نبي أرسل، وأخبرت أن كل من سلك طريقا سوى ما شرعه الله فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين، قال تعالى لرسوله: (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران: 84 - 85]، وأعلنت الدعوة من يومها الأول أنها على ملة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) [النحل 123]، وقال جل شأنه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) [الأنعام: 161 - 163].
لقد بينت الدعوة الإلهية الخاتمة للبشرية العقيدة الحقة، وأقامت الحجة على أهل الكتاب ليتفكروا وليتدبروا، ليعلموا أن دين إبراهيم برئ من جميع العقائد التي عليها بصمات العجول وآلهة الأمم المتعددة، وأن دين إبراهيم لا علاقة له بعقائد التثليث وألوهية المسيح، ولم تكن مهمة إبراهيم عليه السلام في يوم من الأيام هي البحث عن الميراث من النيل إلى الفرات، وإنما كان عليه السلام إماما للناس، يقتدون به ويتبعونه في أقواله وأفعاله، وهذه الإمامة لا ينالها ظالم من ولده، لأن الله لا يجعل الظالمين أئمة، ولا يعطي الإمامة لعدوه، لأن هؤلاء يأتون كنتيجة لأعمال الظالمين من الناس، والله - تعالى - رؤوف بالعباد، والناس تحت مظلة الاختبار يمتحنون، فمن سلك طريقا على ذروته إمام للرحمة والعدل، وصل إلى غايته، ومن سلك طريقا على ذروته إمام يدعو إلى النار، دخل فيها.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست