قالوا: شروط قبول شهادتهم في ذلك كونهم يعقلون الشهادة في ذلك، وأن يكونوا ذكورا أحرارا، محكوما لهم بحكم الإسلام، اثنين فصاعدا، متفقين غير مختلفين، ويكون ذلك قبل تفرقهم وتخبيهم، ويكون ذلك لبعضهم على بعض، ويكون في القتل والجرح خاصة، ولا يقبل شهادتهم على كبير: أنه قتل صغيرا، ولا على صغير: أنه قتل كبيرا.
قالوا: ولوا شهدوا، ثم رجعوا عن شهادتهم: أخذ بالشهادة الأولى ولم يلتفت إلى ما رجعوا إليه.
قالوا: ولا خلاف عندنا أنه لا يعتبر فيهم تعديل ولا تجريح.
قالوا: واختلف أصحابنا في العداوة والقرابة: هل تقدح في شهادتهم؟ على قولين، واختلفوا في جريان هذا الحكم في إناثهم، أم هو مختص بالذكور، فلا تقبل فيه شهادة الإناث؟
على قولين.
الحكم بشهادة الفساق:
وذلك في صور:
إحداهما: الفاسق باعتقاده إذا كان متحفظا في دينه فإن شهادته مقبولة، وإن حكمنا بفسقه، كأهل البدع والأهواء الذين لا نكفرهم، كالرافضة والخوارج والمعتزلة، ونحوهم، هذا منصوص الأئمة.
قال الشافعي: أقبل شهادة أهل الأهواء بعضهم على بعض، إلا الخطابية فإنهم يتدينون بالشهادة لموافقيهم على مخالفيهم.
ولا ريب أن شهادة من يكفر بالذنب ولا يتعمد الكذب أولى بالقبول ممن ليس كذلك، ولم يزل السلف والخلف على قبول شهادة هؤلاء وروايتهم.
شهادة معلن البدعة:
وإنما منع الأئمة - كالإمام أحمد ابن حنبل وأمثاله - قبول رواية الداعي المعلن ببدعته وشهادته، والصلاة خلفه: هجرا له، وزجرا لينكف ضرر بدعته عن المسلمين، ففي قبول شهادته وروايته، والصلاة خلفه، واستقضائه وتنفيذ أحكامه: رضى ببدعته، وإقرار له عليها، وتعريض لقبولها منه.