ومن اعتقاد أهل السنة أن معاوية من المجتهدين له أجر على اجتهاده، وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة من سبه ولعنه فلا يلتفت إلى ذلك ولا يعول عليه فإنه لم يصدر إلا من قوم حمقى جهلاء أغبياء طغاة لا يبالي الله بهم بأي واد هلكوا، فلعنهم الله وخذلهم أقبح اللعنة والخذلان، وأقام على رؤوسهم من سيوف أهل السنة وحججهم المؤيدة بأوضح الدلائل والبرهان ما يقمعهم عن الخوض في تنقيص أولئك الأئمة والأعيان، ولقد استعمل معاوية عمر وعثمان وكفاه ذلك شرفا أه..
إن الدفاع عن معاوية في نظر ابن حجر والفقهاء إنما هو دفاع عن الدين وقد استتبع هذا الدفاع دفاع عن ولده يزيد، حيث أن الطعن في يزيد طعن في والده..
يقول بن حجر: ولا يجوز الطعن في معاوية لأنه من كبار الصحابة ولا يجوز لعن يزيد ولا تكفيره فإنه من جملة المؤمنين وأمره إلى مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.. (3) ونقل ابن حجر قول الغزالي: ويحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فإنه يهيج على بعض الصحابة والطعن فيهم وهم أعلام الدين، فالطاعن فيهم مطعون طاعن في نفسه ودينه..
وروى ابن حجر قصة وقعت في عام (755 ه) أنه أحضر شخصا بدمشق أتهم بسبب الشيخين (أبو بكر وعمر) فأخذ وسجن والأغلال في عنقه، ثم قدم للقاضي المالكي فضربه وهو مصر على قوله.
ثم تكرر ضربه واستتابته فلم يرجع عن قوله، فاجتمع الفقهاء والقضاة للبحث في كفره وعدم قبول توبته، وحكم بقتله..
وشنع السبكي على من قال أن هذا الرجل قتل بغير حق. وجزم بأنه قتل بحق لأنه كافر مصر على كفره..
وقدم ابن حجر الروايات والفتاوى التي تؤيد كفره وجواز قتله وصواب الحكم الذي صدر فيه.. (4) والثابت أنه لا يوجد نص في القرآن أو في السنة يقول صراحة بقتل الذي يسب الرسول فضلا عن الذي يسب صحابي، والفقهاء في حالة صاحب هذه القصة قد طبقوا عليه أحكام