- مدفع الفرقان وفي كتابه الفرقان بين الحق والباطل الذي صنفه في سجن دمشق قال في مقدمته:
إن الله بين في كتابه الفرقان بين الحق والباطل وكذلك نبيه فمن كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله ونبيه الذي أرسله كان أعظم فرقانا.
ومن كان أبعد عن اتباع الكتاب والرسول كان أبعد عن الفرقان واشتبه عليه الحق بالباطل كالذين اشتبه عليهم عبادة الرحمن بعبادة الشيطان والنبي الصادق بالمتبني الكاذب وآيات النبيين بشبهات الكذابين حتى اشتبه عليهم الخالق بالمخلوق.
وهذا الكلام الذي يدين به فقهاء الحنابلة إنما اخترع لإرهاب المخالفين لنهج الرواية والرجال وذلك بربط الرواية بالقرآن. وهدى الله بهدى الرسول (ص). بمعنى أن الذين يرفضون الروايات ويشككون فيها يكونوا بهذا التصور يرفضون القرآن ويشككون في نصوصه. وهو ما تم توكيده في الشعار الدائم الذي لا زال يرفع حتى اليوم وهو شعار: الكتاب والسنة حيث أصبح الإسلام هو الكتاب والسنة. بينما الحقيقة أن الإسلام هو الكتاب. فهو المصدر الوحيد المعصوم المنزل من قبل الله سبحانه ليكون حجة على البشر..
ولقد أصبحت الروايات بمرور الزمن وبتوجيه الحكام هي الناطق بلسان الإسلام والمعبر عنه ونتج عن هذا أن هيمنت الروايات على القرآن مما أدى إلى استفزاز أصحاب العقول وتصديهم للروايات والفقهاء الذين يدعمونها.
وابن تيمية هنا إنما يردد تهديدات من سبقه من فقهاء السلف من الحنابلة وغيرهم لإرهاب الاتجاهات الأخرى وعزل المسلمين عنها..
ويؤكد ابن تيمية أن اتباع رجال السلف ومعرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم. أقوال السلف وأعمالهم في جميع علوم الدين كالتفسير وأصول الدين وفروعه والزهد والعبادة والأخلاق والجهاد وغير ذلك. فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم. ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم.
وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما. وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم. فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم ولا يحكم بخطأ قول من أقوالهم حتى يعرف دلالة الكتاب والسنة على خلافه.