الثاني: بلاد أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة وملكوا أرضها وساكنيها.
الثالث: بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحا..
والقسم الأول الثاني لا يجوز أن تبنى كنيسة ولا بيع فيه وما بني يهدم ويلزم بالشروط السابق ذكرها، أما القسم الثالث فيقر على حاله وما بني بعد الصلح يهدم..
يقول ابن القيم: وهذا الذي جاءت به النصوص والآثار هو مقتضى أصول الشرع وقواعده فإن إحداث هذه الأمور إحداث لشعائر الكفر وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير، فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق، ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق، فكيف إحداث مواضع الكفر والشرك.. (3) ومثل هذه الروايات التي استند عليها ابن القيم والفتاوى التي استحضرها هي التي ارتكز عليها حنابلة العصر من الجماعات الإسلامية واستباحوا دماء وأموال النصارى على أساسها مرتكزين على أن المجتمع المعاصر يعد حسب المفهوم الفقهي الذي وضعه الفقهاء: دار حرب لا يوجد فيها إمام ولا توجد بين المسلمين والنصارى عقود ذمة تحفظ على أساسها أموالهم ودمائهم فمن ثم هم عرضه للاستحلال من قبل هذه الجماعات التي جعلت من نفسها قيما على الدين ومعبرا عنه وناطقة بلسانه وقد منحتها هذه الصلاحيات عقيدة أهل السنة ونصوص الفقهاء، وعجز فقهاء العصر وتحالفهم مع الحكام من جانب آخر..
مثل هذا الفقه المتطرف الذي بني على روايات ضعيفة وعلى الأعراف وقرارات الحكام يجب أن يعاد ضبطه مع القرآن، وهو لن ينضبط معه بحال، فالقرآن لم ينص على شئ من هذا تجاه الديانات الأخرى..
هذا الفقه إنما هو وليد مرحلة سياسية خاصة هي مرحلة الحروب والغزوات وليس وليد النصوص.