وعدوا عليه أفعاله، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا جرم معشر المهاجرين، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف يحتج بالمنسوخ من فعل الرسول، في أوكد الأحكام، وأولاها بالمجمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا، وحولك من لا يؤمن في صحبته، ولا يعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي في دنياه، وتشقى بها في آخرتك، إن هذا لهو الخسران المبين واستغفر الله لي ولكم.
قال: فنظر معاوية إلى ابن عباس فقال: ما هذا يا ابن عباس؟
ولما عندك أدهى وأمر، فقال ابن عباس: لعمر الله، إنها لذرية الرسول، وأحد أصحاب الكساء، ومن البيت المطهر، ما له عما تريد، فإن لك في الناس مقنعا، حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين " (1).
تأمل قوله، (عليه السلام) عن يزيد: " تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا وتنعت غائبا ". لم تكن شخصية يزيد شخصية مجهولة، ولا كانت أخلاقياته أمرا غائبا عن الناس ولا كانت الأمة المسلمة قد صارت إلى ما هي عليه الآن من فساد أخلاقي ومجاهرة بالمعاصي وشرب الخمور حتى يتجاوز المسلمون عن ذلك الفاسق المستهتر، وهل عجزت أمة محمد عن إيجاد رجل منها يتمتع بالخلق الحميد والسمعة الطيبة حتى تسلم أمرها إلى يزيد؟