عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٤٣
المذهلة لم تكن في حقيقتها سوى طفرة حركية بدأت وانتهت وقعدت في مكان الحادث ولم تتجاوزه.
ويعود السبب في ذلك إلى أن منطلق التحرك لقتل السادات لم يكن منطلقا سياسيا تغييريا وإنما منطلقا شرعيا على أساس فتوى صادرة فيه وحده دون من حوله، حرص منفذوها على ألا تصيب رصاصاتهم غير السادات من باب الحرص الشرعي.
ومثل هذه الحادثة التاريخية التي عجزت الحركة الإسلامية في مصر عن استثمارها إنما تؤكد الانتكاسة الحركية التي منيت بها الحركة بسبب تلك الأفكار السلفية العقيمة التي تتعلق بفكرة الإمامة التي تضع عشرات المحاذير حول الخروج على الحكام والصدام معهم والتي هي في الأصل من اختراع السياسة..
لقد كان طرح تيار الجهاد يعد طرحا سياسيا سلفيا مهزوزا في مواجهة طرح التيارات الأخرى التي ترفض فكرة الخروج وتدين بالسمع والطاعة للحكام.
والمتأمل في الردود التي تصدت لتيار الجهاد من قبل الأزهر وفقهاء السلطة والتيار السلفي سوف يتبين له قوة هذه الردود وتحصنها بالنصوص التي تعصم دماء الحكام وتوجب السمع والطاعة لهم وهي مروية في الغالب في الصحيحين مما يجعل فرصة نقدها أو تضعيفها غير واردة.
من هنا يتبين لنا مدى جسامة المأزق الحركي (مأزق الخروج) الذي يعانيه تيار الجهاد بسبب هذا الكم الهائل من النصوص النصوص المتعلقة بالإمامة عند أهل السنة والتي تجعل مسألة الخروج على الحكام والصدام تتطلب الخروج على هذه النصوص وتحطيم الأطر السلفية واستبدالها بأطر أخرى أكثر وعيا وارتباطا بالواقع. وهذا ما يجرؤ أحد على فعله.
والتيار الإسلامي الوحيد الذي تجرأ على هذه الأطر السلفية هو تيار التكفير غير أنه لم يوظف تصوره توظيفا صحيحا.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست