عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٤١
أما تيار الجهاد فيسعى جاهدا للصدام مع الواقع، غير أنه لا يجد في الأطروحة السلفية التي يتبناها ما يعينه على ذلك، فالنصوص النبوية التي تحدد علاقة الحاكم بالمحكوم تقيده..
والنصوص السلفية التي ألحقت بهذه النصوص النبوية زادت الأمور تعقيدا ووضعت عشرات العراقيل أمام أية محاولة للخروج والانتفاضة في وجه الحكام. والتيارات الإسلامية الأخرى التي تتحصن بهذه النصوص تتربص به..
ومن ثم اندفع هذا التيار يخوض في تراث السلف عسى أن يجد شيئا يدعم به تصوره ويضفي عليه المشروعية.
وسرعان ما تم اكتشاف موقف لابن تيمية وبعض فتاوى خاصة به وببعض أتباعه تلقفها تيار الجهاد في شغف وصدع بها في مواجهة الواقع والتيارات الأخرى المناهضة. أما الموقف فيتمثل في رؤية ابن تيمية لحادثة وقعت في عصره لمجموعة من التتار الذين أسلموا ثم قاموا بإعداد دستور للحكم أسموه (الياثق) وهو خليط من أفكار جنكيز خان على آيات من القرآن والإنجيل والتوراة. فحكم ابن تيمية بكفرهم وردتهم عن الإسلام واعتبرهم من معطلي الشرائع الذين تستباح دماؤهم وأموالهم، وله فتوى كبيرة حول هذا الأمر (1).
وهذه الفتوى اعتمدها تيار الجهاد وطبقها على الواقع والحكام وجعل منهما منطلقه الفكري العقائدي في مواجهة الواقع بالإضافة إلى فتاوى أخرى له موجهة إلى أهل الذمة من اليهود والنصارى تستبيح أموالهم ودماءهم في أحوال معينة.
وقد نسي تيار الجهاد أو تناسى أن طرح ابن تيمية هذا يعد شاذا في وسط أهل السنة كحال أطروحاته الأخرى في مسائل الفقه والاعتقاد.
إلا أن ما يجب أن نبينه هنا أن معظم التيارات الإسلامية المعاصرة، خاصة التيارات الإسلامية في مصر، قد رضعت الفكر الوهابي السعودي

(1) أنظر تفاصيل هذه الفتوى في الفتاوى الكبرى لابن تيمية..
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست