ومثل هذا التمييع والتسطيح سوف ينتج عنه مفهوم غير واع بالإسلام وبالقوى التي ترتبط به وتهدد مسيرته.
إن أخطر النتائج من وراء الاعتقاد بعدالة جميع الصحابة وعدم الخوض في مساوئهم وانحرافاتهم هي ضياع فقه العدو الذي يعد الركن الأساسي لقيام مواجهة واعية وفاعلة من أجل التغيير وتمكين الإسلام.
وإن مثل هذا العقائد إنما هي من اختراع السياسة بهدف حماية الحكام وأصحاب المصالح والنفوذ. وقد طوعت لأجلها الكثير من النصوص من أجل إضفاء الصبغة الشرعية عليها حتى يقبلها الناس.
فما دام معاوية أصبح إماما ومجتهدا مأجورا عدلا وكل حكام المسلمين ممن على شاكلته أصبحوا أئمة للمسلمين يجب السمع والطاعة لهم، فمن هو الذي يتآمر على الإسلام إذن؟! ومن الذي عوق مسيرته وأوصلنا إلى مرحلة السقوط والضياع والانحطاط التي نعيشها اليوم..؟!
ولقد تفرخ عن هذا الاعتقاد إضفاء الشرعية على نظام آل سعود الذي يعد امتدادا للأنظمة السابقة التي حكمت المسلمين من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله والذي تمكن بعون الفقهاء وبعض التيارات الإسلامية وفي مقدمتها تيار الإخوان المسلمين من اختراق الحركة الإسلامية واحتوائها، وهذه النتيجة هي أخطر نتائج هذا الاعتقاد السلفي. أن أصبحت التيارات الإسلامية ألعوبة في يد الحكام وعلى رأسهم آل سعود..
ولقد عايشنا ولا زلنا نعايش تجربة الإخوان المسلمين مع آل سعود ومدى الآثار السلبية التي نتجت عن هذا التعايش بين الإخوان والسعوديين على الحركة الإسلامية بشكل عام.
وهنا نصل إلى تشخيص مأزق الوعي الذي تعيشه الحركة الإسلامية اليوم تشخيصا واقعيا له امتداداته من الماضي.
كيف يمكن للحركة الإسلامية أن تبني خطة فاعلة في مواجهة الواقع وهي لا تملك القدرة على التمييز بين العدو والصديق..؟