عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٤٨
وهناك حديث يقول: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (1).
فكأن الإمام هو الفيصل بين الإسلام والجاهلية، فمن تبعه فقد دخل في حظيرة الإسلام ومن خالفه دخل حظيرة الجاهلية.
وأهل السنة فسروا الإمام في النص القرآني المذكور بالكتاب وبالرسول كما فسروا الإمام في النص النبوي بالحاكم، ولذا كان ابن عمر وأنس والتابعون يسارعون إلى مبايعة الحاكم في زمانهم والالتزام بخطه مخافة أن يموتوا على الجاهلية. حتى أن ابن عمر بايع الحجاج في زمانه مخافة أن يموت دون أن يكون مرتبطا بإمام زمانه وكان قبل ذلك قد بايع معاوية ويزيد ولم يبايع عليا (2).
وتفسير الإمام بالكتاب هو قول مردود لعدة وجوه:
الأول: إن هذا التفسير مناقض للغة فلم يرد الكتاب بمعنى إمام في اللغة.
الثاني: إن هناك كثيرا من الأقوام لم يبعث إليهم رسل وليس لديهم كتب.
الثالث: إن تفسير الإمام بالرسول مناقض للغة، فالرسول يمكن أن يكون إماما من باب الوصف والمجاز وليس من باب المعنى الحرفي.
الرابع: إن الذين فسروا الإمام بالكتاب اعتمدوا في تفسيرهم على قوله تعالى: (فمن أوتي كتابه بيمينه..) وقوله: (إمام مبين).
وفاتهم أن الكتاب المقصود هنا هو سجل الأعمال الخاصة بالمرء في الدنيا. وليس الكتاب الذي جاء به الرسل.
الخامس: إن لفظ أناس يخص المؤمن وغير المؤمن. وغير المؤمن ليس له كتاب.

(١) رواه الترمذي والنسائي..
(٢) عاش ابن عمر حتى عصر الحجاج. انظر تاريخ الطبري وكتب التاريخ الأخرى.
وانظر حديث: ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة. البخاري كتاب الفتن وهو يكشف موقف ابن عمر السلبي من موقعة الحرة عام ٦١ ه‍ بعد مصرع الحسين عليه السلام وقد ذكر ابن عمر هذا الحديث محتجا به على ضرورة التمسك ببيعته ليزيد الذي خلعته المدينة بعد وقعة كربلاء. انظر القصة بكاملها في كتب التاريخ. وفتح الباري ج ١٣ / 68 وما بعدها. وانظر لنا فقه الهزيمة فصل الرجال.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست