يستند الفقهاء والمحدثون في موقفهم من الروايات المنسوبة للرسول على أساس قاعدة نقد السند لا نقد المتن فهم في مواجهة هذا الكم من الروايات التي تهين الرسل والرسول خاصة وتشكك في الدعوة التي بعث بها لا يعملون عقولهم في نصها ومحتواها وأبعادها. فقط ما يعنيهم من أمرها هو بحث كونها صحيحة أم ضعيفة أم موضوعة من حيث سلسلة الرواة الذين يروونها فإذا سلم هؤلاء الرواة من التجريح. سلمت الرواية مهما يكن محتواها ونصها..
وعلى هذا الأساس تم تمرير الكثير من النصوص المنسوبة للرسول (ص) تحت دعوى صحتها وسلامتها من ناحية السند..
وعاشت الأمة على هذا الوهم الذي باركه الفقهاء والمحدثون طوال تلك القرون منذ تدوين الأحاديث وجمعها وحتى اليوم..
إلا أنه بقليل من البحث والتأمل سوف يتبين لنا بطلان هذه القاعدة ودخولها من دائرة الشك. ذلك لكون الفقهاء الذين ابتدعوها هم أيضا الذين ابتدعوا ضوابطها ومتعلقاتها..
إن تركيز الفقهاء على أمر السند والحيلولة دون الخوض في أمر المتن وإعمال العقل فيه قد دفع بالمسلمين إلى تركيز جهودهم وطاقاتهم نحو سلسلة الرواة وما يتعلق بها من تعديل وتجريح..
من هنا فقد اكتظت ساحة الفكر الإسلامي بأمهات الكتب التراثية والمعاصرة التي تتحدث عن التعديل والتجريح وما أسموه بعلم الرجال..
ولقد أكدت هذه الكتب أن قاعدة بحث السند التي اعتمد عليها الفقهاء لا تخرج عن كونها صورة من صور عبادة الرجال التي وقعت فيها الأمم السابقة..
وعلى هذا الأساس كثر الخلاف بين فقهاء علم الرجال حول تعديل وتجريح الرواة. ففي الوقت الذي يقول فيه واحد بتجريح فلان يأتي آخر فيوثقه..