النبي ومستقبل الدعوة - مروان خليفات - الصفحة ٢٣
فأتيت ابن شبرمة فسألته عن ذلك، فقال: البيع جائز والشرط جائز.
فقلت في نفسي: سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق لا يتفقون على مسألة!
فعدت إلى أبي حنيفة فأخبرته بما قال صاحباه، فقال: ما أدري ما قالا لك، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن بيع وشرط، فالبيع باطل والشرط باطل.
فعدت إلى ابن أبي ليلى فأخبرته بما قال صاحباه، فقال: ما أدري ما قالا لك، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اشتري بريرة فأعتقها، البيع جائز والشرط باطل.
قال: فعدت إلى ابن شبرمة فأخبرته بما قال صاحباه، فقال: ما أدري ما قالا لك، حدثني مسعد بن كداح بن محارب بن دثار عن جابر قال: بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعيرا وشرط حملانه إلى المدينة البيع جائز والشرط جائز! " (1).
وبعد غض النظر عن أمر الكتاب والسنة وجمعهما يعرض لنا إشكال آخر وهو: هل أشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحوادث المستجدة وكيفية استنباط أحكامها؟
ولربما سيجاب على ذلك بأن هناك القياس والاستحسان وغيرهما من مصادر التشريع، فالعلماء يرجعون إلى هذه المصادر لاستنباط أحكام المسائل المستحدثة ويبقى إشكالنا في محله، فمن أين اكتسبت هذه المصادر الصفة الشرعية

(1) " التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين " للبطليوسي 115 - 117.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست