فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام " (1).
ومع ملاحظة هذا الوضع في القرون الأولى فكيف سيكون الوضع في القرون اللاحقة؟
إن عدم كتابة السنة يؤذن بضياعها وتحريفها مع مرور الزمن، يقول ابن الصلاح: " ثم إنه زال ذلك الخلاف - أي هل تكتب السنة أم لا - وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الأخيرة " (2).
أجل هذه هي النتيجة، وهي توحي بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد أخطأ - والعياذ بالله - بتركه كتابة السنة، وبعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) أدرك العلماء والأمراء خطورة هذا النهي فخالفوه وأباحوا كتابتها.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله في المدينة أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم: " أنظر ما كان من حديث رسول الله أو سنته فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء " (3).
عجبا، فعمر بن الخطاب يخاف من ضياع القرآن، فيأمر أبا بكر بجمعه، ويخاف عمر بن عبد العزيز من ضياع السنة فيأمر بكتابتها، فهل كان العمران أشد حرصا على الإسلام من نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
لقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ مستقبل الإسلام لصحابته وقد كذب عليه في حياته وتنبأ بأنه ستكثر عليه الكذابة، فقال: " من تعمد على كذبا فليتبوأ