النبي ومستقبل الدعوة - مروان خليفات - الصفحة ٤١
مقارنة بين النظريتين:
سبق لنا إثبات بطلان النظرية الأولى التي تزعم بترك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للقرآن محفوظا في صدور الصحابة وفي بعض الصحف، ونهيه عن تدوين السنة، أو قل تركها بلا جمع، لمن يذهب إلى أن حديث النهي قد نسخ.
فلا يمكننا أن نتصور صدور هذا من نبي الله، لأننا نروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " (1).
ونفهم من هذا النص أن المحجة البيضاء كانت موجودة بالفعل وقت قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا النص، قبل أن يشير عمر على أبي بكر بجمع القرآن، وقبل أن يأمر عمر بن عبد العزيز ابن حزم بجمع الحديث.
والمحجة البيضاء التي تركهم (صلى الله عليه وآله وسلم) عليها هي اتباع آل البيت (عليهم السلام) وأخذ الإسلام منهم، لأنهم أعرف من غيرهم بالكتاب والسنة.
ولو دققنا النظر في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " تركتكم على المحجة البيضاء... " وقوله: " تركت فيكم... كتاب الله وعترتي " تتضح ملاحظة التوافق بينهما، وأن حديث الثقلين يبين المقصود بالمحجة البيضاء، ففي كلا الحديثين يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " تركت... ".

(1) " مسند أحمد " 4 / 126.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست