وانتقلت القيادة إلى عمر بن الخطاب بالعهد، ولم يشترط لصحتها رضا الناس، وتم تعيين القيادة الجديدة هذه المرة وفق قاعدة جديدة غير الأولى، ليس لها أيضا سند من كتاب ولا سنة، وفي غياب دستور الدولة. ثم تأسس عليها فيما بعد مبدأ نقل القيادة والسلطة من شخص الآخر بالعهد دون رضا الناس واختيارهم، كما فعل بنو أمية وبنو العباس، وكما تفعل المشيخات والمملكات العربية المعاصرة.
ولئن كان النظام الملكي بملامحه الواضحة قد ابتدعه معاوية في الإسلام، إلا أن عهد أبي بكر لعمر كان أول درجة من الانحراف إلى هذا الطريق قبل معاوية بأقل من أربعين عاما، ثم أخذ يتسع درجة درجة حتى استوى واكتمل بتولية يزيد أمر المسلمين، ثم سارت الدول من بعد في هذا الطريق باسم الإسلام، ذلك أن التغيرات السياسية - كما ذكرت - تبدأ بدرجة ثم تتسع وتكبر.
وبناء على هذه السابقة التاريخية التي صدرت عن بشر لم يطالبنا الإسلام باتباعه إن أخطأ، اعتبر من كتبوا لنا في السياسة