النظر في أصول الدعوة الإلهية، وقد علمنا من هذه الأصول أن العلم بالله هو أشرف العلوم. لأن الله هو أشرف معلوم على الاطلاق، وهذا العلم لا يبوح بأسراره إلا لأهله، ولهذا وضعت النبوة أهل هذا العلم على ذروة المسيرة من بعدهم، لكي يحفظوا الدين من شطحات المنافقين وأحبار وعلماء السوء، ووجدنا في التوراة الحاضرة أن موسى عليه السلام أوقف هذا العلم على هارون وبنيه لا يتعداهم إلى غيرهم، فهم وحدهم الذين يفسرون الشريعة للشعب (1). وعندما بغى بني إسرائيل على الراسخين في العلم. ضلوا وأضلوا كما بينا.
ولم يشذ الدين الخاتم عن هذه القاعدة لأن الدعوة الإلهية دعوة واحدة، وفي أحاديث كثيرة ربط النبي (ص) بين أهله بالكتاب ومن هذه الأحاديث قوله: " إني تارك فيكم خليفتين. كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض. أو ما بين السماء إلى الأرض. وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردوا على الحوض " (2). وفي أحاديث أخرى ربط النبي في (ص) بينه وبين علي بن أبي طالب. كما ربط موسى عليه السلام بين نفسه وبين هارون أخيه، قال النبي (ص) لعلي " أنت مني بمنزلة هارون من موسى. إلا أنك لست نبيا. إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي " (3).
ولما كانت منزلة علي بن أبي طالب من النبي صلى لله عليه وآله وسلم كمنزلة هارون من موسى، ولما كان أهل موسى من ذرية هارون هم وحدهم أهل الاختصاص بتفسير الشريعة، وأهل محمد (ص). هم