وإذا كنا قد ألقينا شعاعا من الضوء على مسيرة الدجال. فإننا في هذا المدخل نلقي شعاعا آخر على مسيرة المهدي المنتظر التي حددها الدين الخاتم. وفي البداية نقول: لما كان الدجال شر مخبوء في بطن الغيب يلتقط الانحراف وأصحابه آخر الزمان، فإن المهدي المنتظر هو الخير المخبوء في بطن الغيب ومعسكره هو الذي سيواجه معسكر الدجال آخر الزمان، وبين المعسكرين ستدور معارك الفطرة والقدس، ومن عدل الله أن جعل أمام الشر المخبوء خير مخبوء آخر الزمان.
ليكون في ذلك حجة على جبين المستقبل. وهذا من سنن الوجود قال تعالى: * (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) * (1).
ولما كان الخير المخبوء والشر المخبوء يقرأ الحاضر أحداثهما كما رواها الأنبياء والرسل عليهم السلام وذلك لينظم الحاضر خطواته في اتجاه الطريق الصحيح. وهو يسير تحت سقف الامتحان والابتلاء لينظر الله إلى عباده كيف يعملون. فإن الحاضر إذ لم يصحح خطواته في يومه فلن ينفعه أن يصحح خطواته عند ظهور الأحداث واشتعال الملاحم في المستقبل، وذلك لأنه سيكون قد ارتبط ارتباطا وثيقا بما يعتقد من انحرافات سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا الارتباط يدعمه المسيح الدجال. الذي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتنته " ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال " (2).
والقرآن الكريم أشار إلى آيات وفتن وملاحم وأحداث مستقبلية، وأخبر بأن الذين كفروا لن ينفعهم إيمانهم يومئذ. قال تعالى: * (ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين. قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم