الذي أخبرتهم به الرسالة الخاتمة، وركنوا إلى مقولة الأخبار في عهودهم القديمة والتي تقول: إن داود اختاره الله وعينه ملكا. ومملكة داوود هي عنوان ووعاء عهد الله لإبراهيم. وأورشاليم اختارها الله عاصمة لهذا الملك. ولأن داوود هو مؤسس المملكة فهو المسيح المصطفى وعلى الجميع أن يخضعوا لسلطان مملكته الأزلية ولعاصمتها أورشاليم. لأن التعجد لله لا ينفصل عن الولاية للأرض وعاصمتها، ولما كانت المملكة قد زالت على أيدي الغزاة في الماضي. فإن على المؤمنين بها أن يعملوا من أجل عودتها. وأن يظل هذا العمل دائما حتى يأتي المسيح ابن داوود في المستقبل. ليعيد المملكة إلى الوجود ويعيد المجد والرفعة إلى اليهود.
وعندما ركن اليهود إلى هذه المقولة ولم يؤمنوا بالرسالة الخاتمة.
وقالوا يوما: ليس علينا في الأميين سبيل. ويوما آخر: نحن أولياء الله من دون الناس ونحن أبناء الله وأحبائه، ثم راحوا يسعون في الأرض فسادا. وينسبوا إلى الله تعالى ما لا يناسب ساحة قدسه وكبرياء ذاته جلت عظمته، فعندما فعلوا هذا وغيره. لعنهم الله. وألقى سبحانه بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة. وقوله تعالى: * (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) * (1) فيه ما لا يخفى من الدلالة على بقاء أمتهم إلى آخر الدنيا. وحذر الله تعالى المسلمين أن يردوا موردهم فيصيبهم ما أصابهم.
ولما كان الله تعالى قد توعد الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق بصرفهم عن آياته. وهو قوله تعالى: * (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنون بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه