فالفطرة تربط الإنسان بغاية وجوده. والدين هو الطريقة الخاصة في الحياة التي تؤمن صلاح الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي، وشجرة الفطرة والدين تنبت في التوحيد. وأسلوب دين الله وقوانينه الجارية قامت على أساس الأخلاق التي تحفظ الإنسان من الخطأ والزلة، وعلى هذا الأساس الأخلاقي يكون العلم النافع. لأن المعارف الحقة والعلوم المفيدة لا تكون في متناول البشر إلا عندما تصلح أخلاقه.
ولما كان الإنسان قد خلقه الله في أحسن تقويم. وذلك بتآلف العناصر التي يتكون منها. بحيث تتجه اتجاها موحدا نحو غرض معين، ولما كان الإنسان قد أنشأه الله مختارا في فعله. بمعنى أنه يعرف ما هو تقوى مما هو فجور. وله أن يميل في كل عمل إلى كل من جانبي الفعل والترك، فإن تعالى أجرى عليه الامتحان والحكمة في إسكان الله تعالى في الأرض بعد أن زينها سبحانه بجميع اللذائذ المادية، هي امتحان النوع الإنساني فردا فردا لإظهار صلاحية الإنسان الباطنية لاستحقاق الثواب والعقاب، والامتحان ناموس إلهي ولا يستثنى منه المؤمن والكافر والمحسن والمسئ، وكل جزء من أجزاء العالم وكل حالة من حالاته التي لها صلة بالإنسان هي من الوسائل والعوامل التي يمتحن الله البشر بها، وتحت سقف الامتحان يوجد إلقاءات شيطانية نفذت من أودية التزيين والإغواء. وتوجد أعلام الأنبياء والرسل عليهم السلام التي تسوق أتباعها نحو صراط الله العزيز الحكيم، وبين هذا وذاك لا يخفى الحق. لأن الحق لا يخفى بأي وجه وعلى أي تقدير. لأن الحق في النسيج الفطري. ولا يمنع الناس من قبوله والخضوع الباطني أمامه. إلا البغي والظلم والجحود والعناد والاستكبار.
فالإنسان يمتحن فردا فردا ليتلبس السعيد بسعادته والشقي