من أفرادها، ولما كان لكل فرد أجل محدد ومحتوم وله نهاية، فكذلك هناك أجل آخر وميقات أخر للوجود الاجتماعي لهؤلاء الأفراد. للأمة بوصفها مجتمعا ينشئ ما بين أفراده العلاقات والصلات القائمة على أساس من الأفكار والمبادئ، فهذا المجتمع الذي يسمى بالأمة. له أجل وله موت له حياة وله حركة، ولما كان الفرد يتحرك فيكون حيا ثم يموت. فكذلك الأمة تكون حية ثم تموت، وكما أن موت الفرد يخضع لأجل ولقانون ولناموس. كذلك الأمم أيضا لها آجالها المضبوطة، قال تعالى: * (لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * (1).
وحركة المجتمع تحت سقف الامتحان. حركة تحكمها سنة الاستخلاف وهي السنة التي يمتحن بها الله الحاكم والمحكوم قال تعالى: * (ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) * (2) وحركة المجتمعات على امتداد التاريخ الإنساني حركة ناطقة. بمعنى أن الله تعالى جعل الماضي ينطق في الكون ليتدبر الحاضر وهو منطلق نحو المستقبل، قال تعالى: * (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) * (3) فالحاضر إذا تدبر الماضي وجد أن الله تعالى يحيي الذين آمنوا وعملوا الصالحات حياة طيبة غير التي يعطيها للآخرين، وأن الحياة الدنيا التي يعتقد الموجود الحي إنها سعادة لنفسه وراحة لذاته.
إنما تكون سعادة فيها الراحة والبهجة إذا جرت على حقيقة مجراها.
ويجد الحاضر أن العذاب الذي رآه الناس هو نتيجة طبيعية لأعمالهم.
وأن الله لم يهلك أمة إلا بعد الانذار والحجة. وما هلكت أمة إلا بشركها بالله والإعراض عن آياته واستكبارهم في مقابل الحق وتكذيبهم