ابتلاءات الأمم - سعيد أيوب - ج ١ - الصفحة ١٩٦
أنتم تعلمون أني لم أرسل إلا لهذه الغاية. وهذه المرأة ليست من خراف بيت إسرائيل. فهل ترضون بأن أتعدى حدود ارساليتي " (1).
وترتب على دخول بولس إلى الساحة الأممية. أن الحي النصراني الذي يشرف عليه بولس. امتص كثيرا من العقائد والثقافات الوثنية، ومع هذه الأحمال رتعت الأهواء التي تلبست بالدين وأغلقت باب التوبة، فلم يقف على أبواب التوبة من هضم الوثنية ومن إعتقد بأن المسيح حرره من لعنة الناموس وأن المسيح عندما قام من بين الأموات صار إليه ولبس فيه، وفي امتصاص المسيحية للوثنية يقول ديورانت في قصة الحضارة: " إن المسيحية لم تقض على الوثنية بل تبنتها (2) بعد أن هضمت تقاليد العقل الوثني فكرة المسيح الإله (3) وقصارى القول: أن المسيحية كانت آخر شئ ابتدعه العالم الوثني القديم (4).
وعلى الساحة الوثنية تعددت الآراء لعدم استقرار الفطرة على ما فطرها الله عليه، وانعقدت المجامع المسيحية للبحث عن ثوب يخفي العرى المعيب، فكان مجمع نيقية (325 م) وتصدى المجتمعون فيه إلى عقيدة الوحدانية التي قال بها آريوس، وأقر المجمع عقيدة المسيح الإله، ثم جاء مجمع القسطنطينية (381 م) ليقر ألوهية الروح القدس، ثم مجمع أفسس (431 م) وأقر أن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، ثم مجمع خلقيدونية (451 م) وأقر أن المسيح له طبيعتان ومشيئتان، وتوالت المجامع لتزيل الإشكال، فما يلبث الإشكال حتى يصير ألف إشكال.

(1) متي هنري 27 / 1.
(2) قصة الحضارة / ديورانت مجلد 11، ب 27، ف 2، ص 276.
(3) المصدر السابق مجلد 11، ف 5، ب 28، ص 320.
(4) المصدر السابق مجلد 11، ف 2، ب 27، ص 276.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست