لتبقى القرون الطويلة لو أنها وجدت في أرض كثيرة الرطوبة. ويحمل النيل في فيضانه السنوي طميا يرسب فيخصب الأرض. وقد كان فيضانه في العصور القديمة سببا في إراحة الفلاحين أثناء فترة الفيضان، ومن ثم أمكن القيام بمشاريع هائلة مثل بناء الأهرامات والهياكل ومقابر الملوك وقد كان النيل ولا يزال طريقا مهما للملاحة يستخدم في نقل البضائع والناس من مكان إلى آخر.
وقد عمل اختلاف الموقع الجغرافي في القديم بين الوادي الضيق والدلتا المنبسطة المتسعة على تقسيم شعب البلاد إلى قسمين متميزين كانا في عصور سحيقة قبل بدء التاريخ قسمين سياسيين متباينين كل التباين. فكانت مصر العليا تمتد من أسوان جنوبا إلى القاهرة ومعدل اتساع الوادي طوال هذه المسافة حوالي اثني عشر ميلا تقريبا. أما في شمالي القاهرة بما يقرب من اثني عشر ميلا فإن النيل يتفرع إلى فرعين رئيسيين هما فرع دمياط وفرع رشيد ويتفرع عن هذين الفرعين ترع وقنوات كثيرة لتروي الدلتا التي تصل في اتساعها إلى مئة وخمسين ميلا تقريبا.
وقد ذكر الكتاب المقدس بعض منتجات مصر وحاصلاتها فالتلال الصخرية التي تقع على جانبي النيل كانت مصدرا للأحجار التي بنيت بها الأهرامات والهياكل الكثيرة التي تزخر بها أرض مصر. واستخرج حجر الجرانيت من أسوان وكان يستعمل في إقامة المسلات والتماثيل والنواويس، أما الرخام والمرمر فقد جاء من التلال القريبة من بني سويف وكانا يستخدمان في عمل الجرار والقناني والقوارير لحفظ العطور الثمينة (مت 26: 7). وقد استخرج النحاس من شبه جزيرة سيناء وكان يستخدم قديما في صنع الآلات والأسلحة أثناء عصر الامبراطورية في العصر البرنزي المتأخر. وقد جاء الذهب (تك 41: 42) من الصحراء الشرقية.
واستخرج الفيروز وحجر اللازورد من سيناء وكانا يستخدمان للزينة وكحلي للنساء. وكانت الحنطة تزرع في مصر بوفرة حتى أن الأجانب كانوا يأتون ويبتاعون قمحا من مصر من عصر إبراهيم ت (تك 12: 10) إلى عصر بولس الرسول (أعمال 27: 6 و 38). وأنتجت أرض مصر الخيار والقثاء والبطيخ والكراث والبصل (عدد 11: 5) وكان السمك عنصرا هاما من عناصر التغذية (كما يظهر هذا في عدد 11: 5 واش 19: 8) وكما يظهر أيضا من النقوش الكثيرة. وكانت الماشية بوفرة في مصر (تك 41: 2). وقد ذكرت أنواعها