قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٣٨٥
مذبح: ويعني مكان مرتفع تقدم عليه الذبيحة أو التقدمة أو البخور أثناء العبادة، وقد وردت في العهد القديم أكثر من أربعمائة إشارة إلى المذابح، إلا أن أول إشارة جاءت عند خروج نوح من الفلك تك 8: 20 مع أن الذبائح كانت معروفة قبل الطوفان.
وكان القدماء يعيرون المذابح اهتماما عظيما ويعدونها من المستلزمات الضرورية للعبادة، فبنوها على أشكال تختلف باختلاف الأمم التي كانت تقيمها، فمنهم من كان يبني المذبح مستديرا وغيرهم مربعا. وعلى الغالب فإن المذابح كانت تكرس لبعض الآلهة وتسمى بأسمائها. وبعضها لم يكن له اسم إطلاقا، كما في أثينا فهناك المذبح " لإله مجهول ".
وكان الرومانيون كثيرا ما يزينون مذابحهم بالأكاليل والأزهار ويحفرون على جوانبها تماثيل الآلهة التي كانت الهياكل مكرسة لها.
وكان القصد من بناء المذابح الاستغاثة بالله أو تقديم الشكر له، أو طلب مراحمه. وكانوا يؤثرون لذلك الأماكن المرتفعة في أغلب الأحيان، وهكذا نفهم معنى كلام داود في مز 121: 1 " ارفع عيني إلى الجبال... " وفي مز 122: 4 " حيث صعدت أسباط الرب شهادة لإسرائيل ليحمدوا اسم الرب ".
وهذا هو سر صعود صموئيل النبي إلى المرتفعة لتقديم الذبيحة. ولعل السر في تفضيل المكان المرتفع راجع إلى فكرة الاقتراب إلى الله إلى جانب لياقة المظهر وجلاله. وكانت المذابح تبنى تذكارا للحوادث العظيمة مثل انهزام عماليق خر 17: 15 وقطع العهد مع إسرائيل خر 24: 4 الخ. وفي البداية كانت المذابح تصنع بدون شكل أو رسم معين، ولم تكن متقنة البناء إلا عند بعض الوثنيين الذين كانوا ينحتون وجوه آلهتهم في صخرة المذبح. أما سائر المذابح فقد كانت عبارة عن كومة مربعة من الحجارة أو تل من التراب، يصنعه الإنسان أمام خيمته حيثما حل، للعبادة أو تذكارا لمقابلة مع الله، وعلى هذا الأساس صنع يعقوب مذبحه في بيت إيل (تك 35: 1 و 7) من الحجر الذي توسده ليلة هروبه من عيسو ومقابلته لله (تك 28: 18 و 35:
14)، وأمثلة هذا المذبح نجدها في عد 23: 1 - 30 و 1 صم 14: 35 الخ.
هذا هو المذبح الذي أطلق عليه بعض الباحثين اسم المذبح العامي أو الشعبي، الذي كان يجوز لكل واحد أن يقدم عليه ذبائحه، لهذا فليس عجيبا أن يبدأ الله معاملاته مع شعبه بهذا المذبح حالا بعد الوصايا العشر (خر 20: 24). ويتدرج الله مع شعبه فيحدثهم عن المذبح الذي من حجر أو من حجارة غير منحوتة صحيحة بدون حفر أو نقش لئلا يعتبر بمنزلة الصور أو التماثيل الوثنية، فلم يسمح لهم باستعمال الحديد في بنائه لئلا يتدنس (خر 20: 25 وتث 27:
5 و 6 ويش 8: 31)، كما طلب أن يكون بدون درج لنفس السبب (خر 20: 26).
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»