وظللت يونان من حر الشمس، واغتياظ يونان ثانية، وتذكير الله له أن نينوى، التي تضم عشرات الألوف من السكان، بينهم كثيرون من الأبرياء، أحق بالرحمة والشفقة من اليقطينة التي اغتاظ وتكدر لأنها ذبلت (ص 4).
وليس في سفر آخر في العهد القديم ما يظهر محبة الله بطريقة أعجب من المحبة التي يظهرها هذا السفر.
إنه يحمل رسالة دينية لجميع العصور. إنه احتجاج على العصبية والعنصرية اليهودية الضيقة ومقتها للشعوب الأخرى مقتا بشعا ظهر بنوع خاص بعد عصر السبي. إن الله في نظر مؤلف هذا السفر يهتم بجميع الناس ويغفر لجميع التائبين إليه سواء كانوا أمما أم يهودا. وكان سفر يونان يقرأ في يوم الكفارة. وكان في وسع كثيرين من الأمم الاهتداء إلى الله لو علمهم اليهود ذلك.
ولقد مهد كاتب سفر يونان الطريق لبزوغ شمس الإنجيل على البشرية. وقصة يونان هي أروع صورة لعمل الفداء الإلهي وأنبل نبذة دينية للتبشير والمناداة بالإنجيل.
ولقصة يونان ما يشابهها في الأدب البوذي كقصة ميتافنداكا الذي كان مسافرا في ذات مرة في إحدى السفن، فوقفت السفينة في الماء في اليوم السابع من إقلاعها ولم تعد تتحرك. فألقى البحارة قرعة، وقعت سبع مرات متتالية على ميتافنداكا، فطرحوه في البحر وأعطوه قطعة من القصب الضخم سبح عليها حتى وصل إلى بر الأمان.
هذه وغيرها قصص تشبه في ظاهرها قصة يونان إلى حد، ولكن ليس هناك ما يدل على أن قصة يونان مستعارة أو مقتبسة من قصص بوذية أو غيرها. ومما يجب الإشارة إليه أن قصص البحارة الهندوسيين والفينيقيين وما يتخللها من مشاعر وأحاسيس وأعمال، كانت متشابهة من بعض الوجوه.
(2) أحد سلفاء المسيح (لو 3: 30).
يونانيون:
(1) سكان بلاد اليونان أو هلاس (أطلب " هلاس وياوآن "). (اع 16: 1 و 3 و 18: 17).
وقد تستعمل للدلالة على الأمم الذين كان اليونانيون أشهرهم (رو 1: 14 و 16)، وعلى العبرانيين الدخلاء الأجانب المتميزين عن العبرانيين (اع 6: 1 و 11:
20). وقد باع أهل صور عبيدهم العبرانيين للياوانيين (يو 3: 6). وأشير إلى اليونان في دانيال (دا 8:
21)، حيث يتنبأ عن اسكندر ذي القرنين. وينبئ زكريا بانتصار المكابيين على البلاد السورية اليونانية (زك 9: 13). وكذلك يتنبأ إشعياء برجوع اليونانيين إلى الحق بواسطة تبشير اليهود (اش 66: 19).
(2) بعد انتصار المكدونيين على الشرق وتأسيس مملكتي سوريا ومصر أصبحت كلمة يونانيين، عند الشرقيين بنوع خاص، تطلق على جميع الذين كانوا يتكلمون اللغة اليونانية في الحياة العادية ويتمتعون بامتيازات اليونانيين المستوطنين في الممالك التي كان يحكمها خلفاء الاسكندر. وأما اليونانيون الذين أرادوا أن يروا يسوع (يو 12: 20 و 21) فكانوا من الدخلاء ولكن لا يعرف بالتأكيد إذا كانوا من الشعب اليوناني.