قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١١٢٠
الإلهية وتوطيد أركان مملكته وفق هذه الشرائع.
وباشر منذ السنة الثانية عشرة من ملكه مقاومة العبادة الوثنية دون هوادة ليس في مملكة يهوذا فحسب بل في المملكة الشمالية كذلك (2 مل 22: 1 و 2 و 2 أخبار 34: 1 - 7 و 33). وفي السنة الثامنة عشرة من ملكه اتخذ جميع الإجراءات والترتيبات اللازمة لترميم الهيكل وزخرفته. وقوبل عمله باهتمام بالغ، فقام العمال بالعمل الذي عهد به الهيم بكل إخلاص وكانوا أمناء على المال الذي تسلموه لهذا الغرض. وفي أثناء ترميم الهيكل وجد شافان الكاتب سفر الشريعة المفقود (2 مل 22: 3 الخ و 2 أخبار 34: 14). وكان شافان آنذاك يدفع أجور العمال (2 مل 22: 9 و 2 أخبار 34: 17). فأخبر حلقيا الكاهن العظيم بذلك، فأتى هذا بالسفر الذي عثروا عليه إلى يوشيا وقرأه أمامه فتأثر الملك أشد تأثير لأن الأمة كانت قد حادت جدا عن شريعة الله. وكانت المخطوطة التي قد وجدت نواة السفر المعروف بسفر التثنية ومجموعة من المواد التشريعية.
ومما لا شك فيه أن معظم الأسفار المقدسة أتلف أو فقد في عصر الارتداد عن الله والاضطهاد في مدة حكم منسى الطويل (2 مل 21: 16 و 2 أخبار 33:
9). ويرجح أن المخطوطة التي عثر عليها وسلمت إلى حلقيا كانت نسخة الشريعة المحفوظة في الهيكل. وقد أخفيت أو عبث بها عند تدنيس الهيكل (تث 31: 9 و 26). أو أنها وضعت في السور وفقا للعادة التي كانت متبعة قديما عندما بني الهيكل للمرة الأولى ويرجع تاريخ السفر الذي عثر عليه إلى ما قبل عصر يوشيا بزمن طويل، لأنه يوصي باستئصال شأفة الكنعانيين والعمالقة (تث 20: 16 - 18 و 25: 17 - 19). ولم يكن لذلك من داع في أيام يوشيا. وترقب انتصارات وفتوحات جديدة يقوم بها العبرانيون. ولم تك المسألة يومئذ مسألة انتصارات وتوسع، بل كان السؤال هل يمكن للعبرانيين أن يحتفظوا بالبلاد التي احتلوها.
وكان لتلاوة السفر على الملك وعلى الشعب عميق الأثر فعاهدوا أنفسهم على عبادة يهوه دون سواه، فأخذوا آنية البعل وعشتاروت وأجناد السماء التي عبدوها وأحرقوها وذروا رمادها في الماء في وادي قدرون.
وأزال يوشيا المرتفعات وكسر تماثيل أشيرة وحطم التماثيل الأخرى وهدم مذابح البعل. وقام بإصلاح ديني جذري (2 مل 23: 1 - 25 و 2 أخبار 34: 29 - 35: 19). وقاد شعبه في طريق الرب. وسلك زعماء الأمة بعد السبي بموجب المثل العليا التي سار عليها يوشيا. وقد أثبتت خلدة النبية أصلية السفر وصرحت بأن القضاء المخيف الذي يشير إليه لن يتم في مدة ملك يوشيا، بل في مدة ملك خلفه (2 أخبار 34: 28).
وفي سنة 809 ق. م. حشد فرعون نحو جيشه وتقدم به لاحتلال أرض الفرات، فاحتل غزة وعسقلان وغيرهما من المدن الفلسطينية وقتل يوشيا في مجدو لأنه حاول تقديم معونة عسكرية لملك أشور ولأنه خشي نفوذه. ثم زحف شمالا واحتل سورية وفي مدة قصيرة صار سيدا للبحر المتوسط الشرقي.
ولكن الكلدانيين هزموا جيشه في كركميش عند الفرات، وطردوا المصريين بسرعة من سورية وفلسطين ودفن يوشيا في قبور الملوك وكانت خسارته لبلاده جسيمة. وبموته زال عز مملكة يهوذا وذهبت مكانتها. وقضي على الحرية التي تمتعت بها بلاده
(١١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1115 1116 1117 1118 1119 1120 1121 1122 1123 1124 1125 ... » »»