قاموس الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١١٠٨
يوحنا، لا لأنه كان محتاجا إلى التوبة، بل ليقدم بذلك الدليل على اندماجه في الجنس البشري وصيرورته أخا للجميع.
وكانت المدة التي عمل فيها يوحنا قصيرة ولكن نجاحه بين الشعب كان باهرا. وحوالي نهاية سنة 27 أو مطلع سنة 28 ب. م. أمر هيرودس أنتيباس رئيس الربع بزجه في السجن لأنه وبخه على فجوره (لو 3:
19 و 20).
وكانت هيروديا زوجة هيرودس قد خانت عهد زوجها الأول وحبكت حبائل دسيسة ضده مع أخيه هيرودس. وقد سمعت بذلك زوجة هيرودس الفتاة العربية فهربت إلى بيت أبيها الحارث وأخلت مكانها في القصر لهيروديا الخائنة التي حنقت على يوحنا وكبتت غيظها وتحينت الفرصة للإيقاع به لأنه قال لهيرودس بأنه لا يحق له أن يتزوجها. وفي السجن اضطرب يوحنا ونفذ صبره بسبب بطء المسيح في عمله. ولربما أحس بأن المسيح نسيه وإلا لماذا لا يسعفه في الظلم الذي لحق به كما يسعف الآخرين. وطغت على أعصابه عوامل الوحشة والوحدة والقيود لأنه كان يترقب حدوث أحداث جسام وأراد أن يرى قبل موته تحقيق أحلام حياته. وبعث تلميذين ليستعلم من يسوع إن كان هو المسيح وأشار يسوع إلى معجزاته وتبشيره (لو 7:
18 - 23).
وكانت قلعة مخيروس المطلة على مياه البحر الميت والتي زج يوحنا في إحدى خباياها كافية لكسر قلب الرجل الجرئ الذي نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة وأعطى للزنى اسمه الحقيقي، ولو أن الزاني كان ملكا عظيما. وبعد ثلاثة أشهر يحل عيد هيرودس وإذا بهيروديا ترسل ابنتها الجميلة سالومة لتؤانس ضيوف الملك وسط المجون والخلاعة ورنين الكؤوس. وإذا بهيرودس الثمل ينتشي برقصها المثير فيقسم أمام ضيوفه بأن يعطيها ما تطلب فتطلب، حسب رغبة أمها، رأس يوحنا على طبق. وبعد لحظات يهوي الجلاد بسيفه على عنق الرجل العظيم. ولم يترك جثمانه دون كرامة، لأن تلاميذه جاؤوا حالا ورفعوه ودفنوه.
يقول جيروم أنهم حملوه إلى سبسطيا عاصمة السامرة ودفنوه هناك بجانب ضريح أليشع وعوبديا.
أما تلاميذه فتذكروا شهادة معلمهم عن حمل الله وتبعوا المسيح (مت 14: 3 - 12 ومر 6: 16 - 29 ولو 3: 19 و 20). ويقول يوسيفوس، إن الهزيمة النكراء التي ألحقها الحارت بهيرودس بعد ذلك التاريخ كانت جزاء وفاقا له ودينونة إلهية نزلت به بسبب شره (تاريخ يوسيفوس (18 و 5 و 2).
وحسب يوحنا أن المسيح شهد فيه أعظم شهادة إذ قال: " لم يقم بين المولدين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان " (مت 11: 11).
وفي أفسس وجد بولس أناسا قد تعمدوا بمعمودية يوحنا (اع 19: 3). وظن بعضهم أنه كان للاسينيين في قمران بالبرية تأثير على يوحنا المعمدان.
يوحنا الرسول: هو ابن زبدي من بيت صيدا في الجليل. دعاه يسوع مع أخيه يعقوب الذي قتله هيرودس أغريباس الأول ليكونا من تلاميذه (مت 4:
21 واع 12: 1 و 2). ويبدو أنه كان على جانب من الغنى لأن أباه كان يملك عددا من الخدم المأجورين
(١١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1103 1104 1105 1106 1107 1108 1109 1110 1111 1112 1113 ... » »»