نينوى، فلما بشر هناك، تحول الشعب إلى التوبة، فرأف الله بهم.
" ويل للذين يطلبون النقمة، لأنها إنما تحل بهم، لأن كل إنسان يستحق] نقمة الله، ألا فقولوا لي، هل خلقتم هذه المدينة مع هذا الشعب؟ إنكم لمجانين، كلا ثم كلا، إذ لو اجتمعت الخلائق جميعها، لما أتيح لها أن تخلق ذبابة واحدة جديدة من لا شئ، وهذا هو المراد بالحلق، فإذا كان الله المبارك إنما هو الذي خلق هذه المدينة يعولها، فإنما تودون هلاكها، لماذا لم تقل " أتريد يا معلم أن نضرع للرب إلهنا أن يتوجه هذا الشعب للتوبة؟ حقا إن هذا لهو العمل الجدير بتلميذ لي أن يضرع إلى الله لأجل الذين يفعلون شرا، هكذا فعل هابيل لما قتله أخوه قايين (1) الملعون من الله، وهكذا فعل إبراهيم لفرعون الذي أخذ منه زوجته، فلذلك لم يقتله ملاك الرب، بل ضربه بمرض، وهكذا فعل زكريا لما قتل في الهيكل بأمر الملك الفاجر، وهكذا فعل أرميا وأشعيا وحزقيال ودانيال وداود و جميع أخلاء الله والأنبياء الأطهار، قولوا لي إذا أصيب أخ بجنون أتقتلونه لأنه تكلم سوءا وضرب من دنا منه؟ حقا إنكم لا تفعلون هكذا، بل بالحري تحاولون أن تسترجعوا صحته بالأدوية الموافقة لمرضه (2) "!
(4) الموت:
" إنما أنتم في هذه الدنيا، غرض تنتضل فيه المنايا، مع كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص، لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يعمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله، ولا تجدد له زيادة في أكله، إلا بنفاد ما قبلها من رزقه، ولا يحيا له أثر، إلا مات له أثر، ولا يتجدد له جديد، إلا بعد أن يخلق له جديد، ولا تقوم له نابتة، إلا وتسقط منه محصودة (3) "!
" فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عزها وفخرها إلى انقطاع، وإن زينتها