للحافظ شهاب الدين محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر السخاوي المتوفى في المدينة سنة 902 ه.
في التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية وتكلم في ذلك بكلام يلبس عليه على الضعفاء - وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار في الحكاية عن مالك فإن فيها قول مالك للمنصور: استشفع به.
وحسبك أن إنكار ابن تيمية للاستعانة والتوسل قول لم يقبله عالم قبله وصار به بين أهل الإسلام مثلة. وأقول أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم جائز في كل حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة وهو على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يتوسل به بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به أو بجاهه أو ببركته فيجوز ذلك في الأحوال الثلاثة. وقد ورد في كل منها خبر صحيح أما الحالة الأولى قبل خلقه فيدل على ذلك آثار الأنبياء