تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٥٦
رضي الله عنه من طريق أحمد ما من أحد يسلم علي عند قبري وكذلك نص عليه المالكية وقد تقدم حكاية القاضي عياض الاجماع وفي كتاب تهذيب الطالب لعبد الحق الصقلي عن الشيخ أبي عمران المالكي أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة قال عبد الحق يعني من السنن الواجبة وقال عبد الحق أيضا في هذا الكتاب رأيت في بعض المسائل التي سئل عنها الشيخ أبو محمد بن أبي زيد قيل له في رجل استؤجر بمال ليحج به وشرطوا عليه الزيارة فلم يستطع تلك السنة أن يزور لعذر منعه من تلك قال يرد من الأجرة بقدر مسافة الزيارة قال الحاكي عنه ذلك وقال غيره من شيوخنا عليه أن يرجع ثانيا حتى يزور قال عبد الحق انظر إن استؤجر للحج لسنة بعينها فههنا يسقط من الأجرة ما يخص الزيارة وإن استؤجر على حجة مضمونة في ذمته فههنا يرجع ويزور وقد اتفق النقلان وعبد الحق هذا هو عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القروي صقلي تفقه بشيوخ القيروان وتفقه بالصقليين أيضا منهم أبو عمران وغيره وحج ولقي عبد الوهاب رحمه الله وحج ثانيا فلقي إمام الحرمين فباحثه في أشياء وسأله عن مسائل أجابه عنها وكان مليح التأليف ألف كتبا كثيرة في مذهب مالك توفي بالإسكندرية سنة ست وستين وأربعمائة وهذا الفرع الذي ذكره في الاستئجار على الزيارة فرع حسن والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدر بشرع والجعالة إن وقعت على نفس الوقوف لم يصح أيضا لأن ذلك مما لا يصح فيه النيابة عن الغير وإن وقعت الجعالة على الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم كانت صحيحة لأن الدعاء مما يصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها قال ذلك الماوردي في الحاوي في كتاب الحج وبقي قسم ثالث لم يذكره الماوردي وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجارة والجعالة عليه كما كان عمر بن عبد العزيز يفعل والظاهر أن مراد المالكية هذا وإلا فمجرد الوقوف من الأجير لا يحصل للمستأجر غرضا وسيأتي في كتاب ابن المواز من
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»