تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٥
قانون الشارع ويجعلها مطابقة له أمرا ونهيا وإلا هلكت نفسه من حيث لا يشعر وهلاكها الهلاك الأبدي فتبقى في عذاب مقيم لا يفنى وتندم حيث لا ينفع الندم لعدم إمكان التدارك والرجوع إلى هذه الدار دار العمل بعد الخروج منها إلى الدار الأخرى وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ومما ضربه الله مثلا في هذا العالم لإدراك النفوس فيه للحقائق انطباع الصور في المرايا على وجه الانعكاس ليقاس ذاك على هذا فكما أن المرأة إذا كانت صغيرة بحيث لا يحاذيها ذو الصورة بجميع أجزائه لا تنطبع فيها الصورة كاملة تمثل صاحبها بجميع الأجزاء بل لا تمثل إلا ما انطبع صورته منه فلا يرى الناظر في المرآة إلا مقدار ما انطبع فقط وكذلك إذا كان عليها صدأ يمنع الانطباع كلا أو بعضا أو كانت معوجة فإن الصورة تنطبع فيها على حسب استعدادها واختلاف أحوالها كذلك النفس إذا كانت صغيرة بحيث لا تقوى على اكتناه الحقائق من كل وجه أو علاها صدأ المعاصي ومخالفة الأوامر الإلهية أو كانت منحرفة معوجة عن وجه الحق لعناد أو تعصب أو غرض لا تنطبع فيها صور الحقائق إلا على حسب استعدادها وأحوالها لكن النفس لجهلها بنفسها واستعداداتها وأحوالها ربما جزمت بأن ما وصلت إليه هو الحق وليس وراء ذلك شئ وذلك خطأ مبين وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وانظر إلى صاحب كتابي تحرير المرأة الجديدة كيف نظر إلى المبحث الذي تكلم فيه من وجهة واحدة ورمى إلى غرض واحد فقاده تعصبه لغرضه الذي يرمي إليه إلى أن قال ما خرج به عن جادة الصواب وتجاوز حدود الشرع المقدس فظن أن الحجاب للمرأة مانع لها من التربية التي تفيدها معرفة ما لها وعليها من الحقوق بين قومها وأن تعرف طرق الكسب والمعيشة مع أنه عند تدقيق النظر لا يرى العقلاء علاقة بين الحجاب والتربية المذكورة فإن الحجاب لا يمنعها وعدم الحجاب لا يستلزمها بل المدار في ذلك على التعليم والحس شاهد عدل فإن أكثر الرجال مع عدم الحجاب تراهم لا يعرفون شيئا مما ذكر
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»