وكان أحمد بن سريج يقول أهل الحديث أعظم درجة من الفقهاء لاعتنائهم بضبط الأصول وكان عامر بن قيس يقول لا تذهب الدنيا حتى يصير العلم جهلا والجهل علما وكان عبد الله ابن مسعود يقول من سئل عن علم لا يعلمه فليقل الله أعلم فإن الله تعالى قال لمحمد صلى الله عليه وسلم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين يعني في الجواب عما سألتموني عنه وكان يقول من أفتى الناس في كل ما يسألونه فيه فهو مجنون وكان مسروق إذا سئل عن مسألة يقول للسائل هل وقعت فإن قال لا قال اعفني منها حتى تكون وكان مجاهد يقول لأصحابه لا تكتبوا عني كل ما أفتيت به وإنما يكتب الحديث ولعل كل شئ أفتيتكم به اليوم ارجع عنه غدا وكان الأعمش رضي الله عنه يقول عليكم بملازمة السنة وعلموها للأطفال فإنهم يحفظون على الناس دينهم إذا جاء وقتهم وكان أبو عاصم رحمه الله تعالى يقول إذا تبحر الرجل في الحديث كان الناس عنده كالبقر وكان أبو بكر بن عياش يقول أهل الحديث في كل زمان كأهل الإسلام مع أهل الأديان والمراد بأهل الحديث في كلامه ما يشمل أهل السنة من الفقهاء وإن لم يكونوا حفاظا وكان أبو سليمان الخطابي يقول عليكم بترك الجدال في الحديث وأقوال الأئمة فإن الله تعالى يقول ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا وما كانت قط زندقة أو بدعة أو كفرا وجراءة على الله تعالى إلا من قبل الجدال وعلم الكلام وكان عمر بن عبد العزيز يقول دائما إذا رأيتم جماعة يتناجون سرا فيما بينهم بأمر دينهم فاشهدوا أن ذلك ضلال وبدعة وكان يقول أكابر الناس هم أهل السنة وأصاغرهم هم أهل البدعة وكان سفيان الثوري يقول المراد بالسواد الأعظم هم من كان من أهل السنة والجماعة ولو واحدا فاعلم ذلك * وأما ما نقل عن الأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين في ذم الرأي فأولهم تبريا من كل رأى يخالف ظاهر الشريعة الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه خلاف ما يضيفه إليه بعض المتعصبين ويا فضيحته يوم القيامة من الإمام إذا وقع الوجه في الوجه فإن من كان في قلبه نور لا يتجرأ أن يذكر أحدا من الأئمة بسوء وأين المقام من المقام إذ الأئمة كالنجوم في السماء وغيرهم كأهل الأرض الذين لا يعرفون من النجوم إلا خيالها على وجه الماء وقد روى الشيخ محيي الدين في الفتوحات المكية بسنده إلى الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كان يقول إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ضل فإن قيل إن المجتهدين قد صرحوا بأحكام في أشياء لم تصرح الشريعة بتحريمها ولا بوجوبها فحرموها وأوجبوها فالجواب أنهم لولا علموا من قرائن الأدلة تحريمها أو وجبوها ما قالوا به والقرائن أصدق الأدلة وقد يعلمون ذلك بالكشف أيضا فتتأيد به القرائن ا ه وكان الإمام أبو حنيفة يقول القدرية مجوس هذه الأمة وشيعة الدجال وكان يقول حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي وكان إذا أفتى يقول هذا رأي أبي حنيفة وهو أحسن ما قدرنا عليه فمن جاء بأحسن منه فهو أولى بالصواب وكان يقول إياكم وآراء الرجال ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والحديث يقرأ عنده فقال الرجل دعونا من هذه الأحاديث فزجره الإمام أشد الزجر وقال له لولا السنة ما فهم أحد منا القرآن ثم قال للرجل ما تقول في لحم القرد
(٥٥)