مالك ومنهم السيف الآمدي الأصولي المشهور كان حنبليا ثم انتقل إلى مذهب الشافعي ومنهم الشيخ نجم الدين بن خلف المقدسي كان حنبليا ثم تفقه على الشيخ موفق الدين ودرس في مدرسة أبي عمرو ثم تحول شافعيا وارتفع شأنه ومنهم الشيخ محمد بن الدهان النحوي كان حنبليا انتقل إلى مذهب الشافعي ثم تحول حنفيا حين طلب الخليفة نحويا يعلم ولده النحو ثم إنه تحول شافعيا حين شغرت وظيفة تدريس النحو بالنظامية لما شرط صاحبها أن لا ينزل فيها إلا شافعي المذهب ولم يكن هناك أحد أعلم منه بالفقه والنحو ومنهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد كان أولا مالكيا تبعا لوالده ثم تحول إلى مذهب الشافعي ومنهم شيخ الإسلام كمال الدين بن يوسف الدمشقي كان حنبليا ثم انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي ومنهم الإمام أبو حيان كان أولا على مذهب أهل الظاهر ثم عمل شافعيا انتهى كلام الجلال السيوطي رحمه الله تعالى وقال صاحب جامع الفتاوي من الحنفية يجوز للحنفي أن ينتقل إلى مذهب الشافعي وبالعكس لكن بالكلية أما في مسألة واحدة فلا يمكن كما لو خرج دم من بدن حنفي وسال فلا يجوز له أن يصلي قبل أن يغسله اقتداء بمذهب الشافعي في هذه المسألة فإن صلى بطلت صلاته وقال بعضهم ليس لعامي أن يتحول من مذهب إلى مذهب حنفيا كان أو شافعيا والمشهور غيره كما سيأتي وقال بعضهم يجوز للشافعي أن يتحول حنفيا ولا عكس قال السيوطي وهذه دعوى لا برهان عليها وقد أدركنا علماءنا وهم لا يبالغون في النكير على من كان مالكيا ثم عمل حنفيا أو شافعيا ثم تحول بعد ذلك حنبليا ثم رجع بعد ذلك إلى مذهب مالك وإنما يظهرون النكير على المنتقل لإيهامه التلاعب بالمذاهب وجزم الرافعي بجواز ذلك وتبعه النووي وعبارة الروضة إذا دونت المذاهب فهل يجوز للمقلد أن ينتقل من مذهب إلى مذهب آخر إن قلنا يلزمه الاجتهاد في طلب الأعلم وغلب على ظنه إن الثاني أعلم فينبغي أن يجوز بل يجب وإن خيرناه فينبغي أن يجوز أيضا كما لو قلد في القبلة هذا أياما وهذا أياما انتهى كلام الروضة فلولا أن علماء السلف رأوا أنه ليس بذلك بأس ما أقروا من انتقل من مذهب إلى غيره ولولا علمهم بأن الشريعة تشمل المذاهب كلها وتعمها لأنكروا عليه أشد النكير ثم لا يخلو أمر السلف من أمرين إما أن يكونوا قد اطلعوا على عين الشريعة ورأوا اتصال جميع المذاهب بها أو سكتوا على ذلك إيمانا بصحة كلام الأئمة وتسليما لهم وإن قال أحد من المالكية اليوم بئس ما صنع من ينتقل من مذهبه إلى غيره قلنا له بل بئس ما قلت أنت لأن إمام مذهبك الشيخ جمال الدين بن الحاجب رحمه الله تعالى والإمام القرافي رحمه الله تعالى جوزا ذلك فقولك هذا تعصب محض فإن الأئمة كلهم في الحق سواء فليس مذهب أولى بالشريعة من مذهب وقد سئل الجلال السيوطي رحمه الله تعالى عن حنفي يقول يجوز للإنسان أن يتحول حنفيا ولا يجوز للحنفي أن يتحول شافعيا أو مالكيا أو حنبليا فقال قد تقدم أننا قلنا إن هذا تحكم من قائله لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولم يرد لنا في حديث صحيح ولا ضعيف تمييز أحد من أئمة المذاهب على غيره على التعيين والاستدلال بتقديم زمن أبي حنيفة رضي الله عنه لا ينتهض حجة ولو صح لوجب تقليده على كل حال ولم يجر تقليد غيره البتة وهو خلاف الاجماع وخلاف ما رواه البيهقي في كتاب
(٤٤)