أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ٥٧
إن العظمة الإنسانية لتكشف عن أصالتها في مثل هذه المواقف، وبمثل هذه الكلمات.. حيث يلتقي الصدق، والقوة، والترفع، والحكمة أسعد لقاء..!!
ومضى كل إلى سبيله..
معاوية إلى الشام عاصمة ملكه العريض.. و (الحسن) إلى المدينة، قرير العين بما حقن من دماء، عظيم الغنم بما بذل من فداء..
مرددا كلماته المضيئة هذه:
(لقد كانت جماجم العرب بيدي في العراق، تسالم من سالمت.. وتحارب من حاربت.. ثم تركتها ابتغاء وجه الله)..!!
ولقد وفى بعهده مع معاوية. ووفى بالعهد معه أخوه (الحسين) الذي كان قبل إبرام الصلح من أشد معارضيه.
ترى، هل سيفي معاوية.؟ أم أن إغراء السلطة المطلقة سيجشمه مشقة الوفاء..؟؟
على أية حال، فقد أدى الحسن ما اعتقده واجبا، وأعطى من ذات نفسه ما هو أهل له.
لقد ترك للآخرين دنياهم، وعكف هو على الطاعة، والعبادة والخير..
* عابدا: يحب الله ويخشاه، ويخرج إلى الحج من المدينة إلى مكة أعواما كثيرة ماشيا على قدميه والنجائب تقاد بين يديه، حتى إذا سئل عن سبب هذا الإجهاد لنفسه أجاب:
(إني أستحي أن ألقى ربي، ولم أمش على قدمي إلى بيته)..!!
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست