ولكن ذلك لا يعني بحال. أنه آثر السلام وهو في (مركز ضعف)..
لا، بل آثره وهو في (مركز قوة) مكين.
يقول (الحسن البصري) رضي الله عنه:
(استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال.
فقال عمر بن العاص لمعاوية إني لأرى كتائب، لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال معاوية: إذا قتل هؤلاء أولئك، فمن لي بأمور الناس.
ورغم ما كان بأهل الكوفة من تفسخ وتردد، فقد كان تحت تصرف (الحسن) حين آثر السلام أربعون ألف مقاتل، يشكلون جبهة واحدة، قوية وصامدة.. تحت إمرة رجل من أعظم رجال الإسلام وقواده - ذلكم هو: " قيس بن سعد بن عبادة ".
ولقد كانوا مصممين على مواصلة الحرب ضد معاوية تصميما حمل بعضهم على مجابهة (الحسن) حين رأوه يعتزم الصلح وإقرار السلام مجابهة قاسية وعنيفة رغم حبهم له وتوقيرهم إياه.
* * * هو إذن لم يؤثر السلام على ضعف ولا عن عجز.
ولم تكن الظروف العسيرة التي تسلم الخلافة فيها لتجاوز قدرها في كونها مجرد (موضوع) لتفكيره في السلام..
أما (مصدر) تفكيره في السلام فكان طبيعته وخصاله.
وهكذا قرر أن يعرض، بل أن يفرض السلام على معاوية..
وقولنا (يفرض) السلام، تعبير لا مبالغة فيه، فقد تغلب على ظروف كثيرة لكي يجعل السلام حقيقة ناجزة.