وإن الدرس الذي يلقيه يوم كربلاء بآلامه، وبطولاته.. بمأساته، وعظمته، ليتفوق على نظرائه في قوة النور الباهر الذي أضاء به ضمير الحياة..
والآن، فإن علينا أن نتتبع مواطن العظمة والعبرة في ذلك الحصاد.
* * * وأول ما يلقانا في هذا السبيل، هو أن جذوة الحق والصمود التي أضاءها الحسين وأصحابه بدمائهم، لم تنطفئ ولم يخب نورها باستشهاده، بل ازدادت ألقا واندلاعا على نحو يبهر الألباب..!!
وتمثل، وأبهى ما تمثل في أخته العظيمة (زينب)، وفي ابنه (علي) وهو غير (علي) الأكبر استشهد مع أبيه.
لقد توقعت الدنيا أن تحني الكارثة جباه من بقي من آل بيت الحسين..
ولكن الطاهرة البتول (زينب بنت علي) وحفيدة الرسول، سرعان ما ردت للدنيا صوابها، حين أرتها من عظمة هذا البيت كل عجيب..
لقد أخذ - عمر بن سعد - قائد جيش ابن زياد.. أخذ معه إلى الكوفة أهل بيت البطل الشهيد من سيدات وأخوات، وأطفال..
وأراد أن تكون له فضيلة وسط يومه الكئيب المظلم في كربلاء، فحافظ على أهل بيت البطل، وأكرمهم، وصانهم من كل سوء.
وتوقع ابن زياد قبل أن يواجه آل بيت الحسين، أنه سيلقى انكسارا وضياعا يستدران عطف قلبه الجبان.
لكن (أخت الحسين)، البطلة.. أخت البطل.. وبنت البطل..
علمته - إن كان لمثله أن يتعلم - أن الهزيمة التي يتفجع لها الناس ويستكينون، إنما هي هزيمة الروح وما كان ولا يكون لدعاة الحق وحملة راياته أن تنهزم أرواحهم أبدا ولا أن تنحني جباههم أبدا..!!