كلهم قتلوا وديست جيفهم بالأقدام.. ما عدا يزيد.. فقد ضن عليه القدر بأن يذهب قتيل ثورة أو مقاومة، إذ أن ذلك كان سيضعه إلى حد ما، في الكفة المقابلة للحسين عليه السلام.
كان الناس سيتحدثون: أن داعية الحق قتل استشهادا..
وأن ملك بني أمية قتل عقوبة، وقصاصا.. وهذه مقابلة قد تجعل منه على صورة ما، ندا أو كفؤا.. الأمر الذي صمم القدر على حرمانه منه، فتركه يعيش أربع سنوات تعيسا مفزعا.. ثم يموت في يأس، وهوان، ونسيان..!!
* * * نقول: صحيح أن قتلة (الحسين) لقوا جميعا شر مصرع وأسوأ نهاية.
لكن ذلك لا يدخل في حسابنا بحال، ونحن نتتبع الحصاد العظيم ليوم (كربلاء)..
فليس لمقتل أولئك الأشقياء شأن يرتفع إلى مستوى ذلك الحصاد..
ولا يكفر عن دماء الرجال، بدماء الأنذال!!
* * * كذلك لا يدخل في حسابنا لحصاد، كربلاء، تلك الدنيا الهائلة الحافلة التي شادها المطالبون بثأر البطل من عباسيين، وفاطميين، وعلويين.. فإن تلك الدنيا التي شادوه بكل إمبراطورياتها، ودولها، وسلطانها. لا ترتفع إلى مستوى الجوهر النضير لتضحية (الحسين) وحياته، وثباته..
وبالتالي، لا نستطيع أن نعتبرها مثوبة لتلك التضحيات وذلك الثبات.
إن حصاد تضحيته وتضحية رفاقه، ليجاوز ذلك كله إلى غايات أبعد، وأمجد، وأسمى..