ثم حمله بين ذراعيه، إلى حيث أرقده بجوار ابنه علي، ثم عاد لهول المعركة من جديد.!!
لك الله، أبا عبد الله!!
وهل اختارتك المقادير لهذا العبء الذي يدغدغ الجبال، إلا وأنت له كفو وبه جدير؟؟
ألا صبرا آل محمد.. فهذا دوركم في الحياة، وحظكم من الدنيا..
يا سادة الآخرة، ويا ملوك الجنة..!!
راح الأبرار يسقطون في الحومة أبطالا.. و (الحسين) يصول هنا..
ويقاتل هناك.. ودمه الزكي يتفجر من فمه الذي اخترمه سهم وهو يحاول أن يأخذ جرعة ماء..!!
ووقف وحيدا أمام أعدائه..
وحيدا.. فقد رحل الأهل جميعا، بعد رحيل الأصحاب...
كلهم عانقوا الشهادة في سبيل الحق.
وأحاط به القتلة الذين سمروا في أماكنهم، زائغة أبصارهم.. واجفة قلوبهم.
لقد كانوا - على كثرة ما اقترفوا من جريمة وسفكوا من دم - يهولهم دم (الحسين) فيتفادى كل منهم وزر الإجهاز على حياته.
وهنا انبعث أشقاها (شمر بن ذي الجوشن) فصرخ فيهم، ليختطفوا رأس البطل: فاقتربوا منه.. لكنه رغم جراحه ووحدته ينقض عليهم بسيفه.. ويخرج من الفسطاط غلام صغير، هو (عبد الله بن الحسن) فيلمح قاتلا يوجه سيفه نحو عمه، فيصيح في براءة الأطفال:
(يا ابن الخبيثة أتقتل عمي).!