أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ١١٦
كلا... لم يكن لشئ كهذا أن وجود في روع البطل، ولا في تفكيره.
فهو قد وطن نفسه على الموت من أولى ساعات المؤامرة التي بدأت مع طلائع جيش ابن زياد..
وهو لا يعرف خيارا، بين أمرين، ثانيهما خذلان الحق وبيعة يزيد!!
إن أمامه طريقا واحدا، ليس لمثله أن يسلك في هذه القضية سواه..
ذلكم هو سبيل التضحية بالحياة، ولو أمكن، فبألف حياة..!!
إنما طلب إرجاء القتال إلى الغد، لأنه عظيم.. ليس لعظمة نفسه منتهى، وليس لنبل روحه حدود!!
انظروا..
عندما استبانت له نتيجة المعركة. أراد أن يدفع حياته وحدها زلفى لها وقربانا..!!
لم يشأ أن يدفع لسيوف البغي حياة أنصاره الخمسين، ومعهم الأشبال والرجال من أهله وأبنائه، بعد أن تغير الموقف بالنسبة لهم...
لقد خرجوا معه على حساب أن الكوفة في انتظارهم، ليبدأوا منها وبها مقاومة مشروعة، يدحضون بها ضلال حاكم الشام، ويدرأون بها عن الإسلام خبث بني أمية.
لكنهم فوجئوا بالكوفة تنتظرهم بوجه آخر كالح وعبوس..
فرسل (الحسن) صرعوا، واستشهدوا..
والألوف التي أعطت بيعتها لمسلم بن عقيل، تبددت واختفت كالجرذان..!!
وبدلا من أن يجد البطل في استقباله كتائب الحق من شيعته وأنصاره، وجد عصابات البغي تنتظره بالغدر والمنايا..!!
إذن، الموقف قد تغير بالنسبة للذين معه من أهل وأنصار..
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست