وإننا لنظلم يوم كربلاء ظلما كبيرا، حين نظنه مأساة لا غير..
وفاجعة لا أكثر.. وتتخذه مناسبة لاجترار الأحزان والآلام..
لا.. ثم لا، يا رجال!!
إنه مأساة وفاجعة إذا نظرنا إلى الشكل الخارجي للمعركة، فرأينا السفلة الأدعياء ينتصرون.. ورأينا الوحشية المجرمة تفتك بأبناء الرسول.
لكن يوم كربلاء ليس مأساة وفاجعة، إذا نفذنا ببصائرنا إلى جوهره النضير، فرأينا عظمة الثبات، وروعة البطولة، وعزة الإيمان، وجلال التضحية، في مهرجان للحق، هيهات أن يكون له نظير..!!
وستكون لنا إن شاء الله وقفة معه هذا المعنى الجليل الخالد في الفصل القادم من الكتاب.
أما الآن، فإن علينا أن نسارع إلى مكان المعركة الأليمة والعظيمة، فإن ساعاتها الحاسمة تقترب..!!
نحن الآن مع اليوم التاسع من المحرم، وقد ولى نهاره ودلف ليل جديد!!
ولقد أخذ جيش ابن زياد يتحرك للوثوب..
ورأى الحسين تحركاتهم، وتذكر واجبا لا بد من أدائه قبل أن يبدأ القتال.
هنالك أرسل إلى قائدهم عمر بن سعد - طالبا إرجاء القتال إلى غد.. وأجابه ابن سعد إلى ما طلب.. ولعله ظن أن وراء هذه الرغبة في الإرجاء عزما على طلب التسليم وعلى بيعة يزيد!!
ترى، لماذا طلب (البطل) إرجاء القتال..؟؟
هل ليدبر خواطره من جديد حول موقفه؟
هل اقترب اليأس من عزمه، فأراد أن يفكر مع نفسه في البحث عن مخرج يوقيه وأصحابه ما ينتظرهم من هول..؟