فرضي أن يبقى قائدا لحملة رجيمة، وجيش ظلوم!!
وضحت النوايا إذن، أمام (الحسين)..
إنهم يريدون إذلاله، أو يريدون حياته..
أما المذلة، فالممات دونها!!
وأما حياته، فليس هو أول من يجود بها في سبيل الحق من آل بيته العظيم، ولن يكون آخر من يجود بالحياة منهم..
الصعب في الأمر، أنهم لا يريدون أن يقاتلوا قتال الشرفاء، بل ولا قتال الآدميين!!
إنهم لا يقنعون بمواجهته في أربعة آلاف فارس. بينما كل الذين معه من أهل وصحب، اثنان وسبعون لا غير..
أجل.. إنهم لا يقنعون بتفوقهم العددي الساحق، فيحولون في صغار ولؤم، بينه وبين الماء، وهم يرون من وراءه في الخيام من سيدات، وأطفال، ومرضى!!
لقد حاصروا الطريق إلى الشريعة بخمسمائة فارس.. وجفت القرب التي كان أخوه (العباس بن علي) قد ملأها من قبل عنوة، وقبل أن يضرب حولها الحصار.
ولقد يصبر (الحسين) ويصبر رجاله على الظمأ إلى حين، ولكن الأطفال والنسوة الذين لم يعد يطاق مشهدهم وهم يترنحون تحت وطأة الظمأ القاتل!! ماذا يصنع البطل لهم..؟!
ترى هل أسف على خروجه من مكة إلى حيث هو الآن.؟
إن المؤمنين لا يأسفون على خطر، ولا يجزعون من قدر..
ولعله قد أسف لشئ واحد، هو أنه لم يستمع لنصح ابن عمه (عبد الله ابن عباس) ألا يصحب معه الحرائر والأبناء. ومع هذا، فلله الأمر من قبل ومن بعد!!