القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما أو معه دليل يقتضي حقا ما فيرد الحق مع الباطل حتى يبقى هذا مبطلا في البعض كما كان الأول مبطلا في الأصل وهذا يجري كثير لأهل السنة وأما أهل البدعة فالأمر فيهم ظاهر ومن جعل الله له هداية ونورا رأى من هذا ما تبين له منفعة ما جاء في الكتاب والسنة من النهي عن هذا وأشباهه وإن كانت القلوب الصحيحة تنكر هذا لكن نور على نور والاختلاف الأول الذي هو اختلاف التنوع الذم فيه واقع على من بغى على الآخر فيه وقد دل القرآن على حمد كل واحد من الطائفتين في مثل ذلك إذا لم يحصل بغي كما في قوله تعالى * (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) * وقد كانوا اختلفوا في قطع الأشجار فقطع قوم وترك آخرون وكما في قوله تعالى * (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) * فخص سليمان بالفهم وأثنى عليهما بالحكم والعلم وكما في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة لمن صلى العصر في وقتها ولمن اخرها إلى أن وصل إلى بني قريظة وكما في قوله إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر والاختلاف الثاني هو ما حمد فيه إحدى الطائفتين وذمت الأخرى كما في قوله تعالى * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) *
(٥٨٢)