شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥٧٨
وقال تعالى * (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) * وقال تعالى * (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) * فجعل أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف وقال تعالى * (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق) * وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعني الأهواء كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وفي رواية قالوا من هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي فبين أن عامة المختلفين هالكون إلا أهل السنة والجماعة وأن الاختلاف واقع لا محالة وروى الإمام أحمد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان ذئب الانسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما نزل قوله تعالى * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم) * قال أعوذ بوجهك * (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) * قال هاتان أهون فدل على أنه لا بد أن يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض مع براءة الرسول من هذه الحال وهم فيها في جاهلية ولهذا قال الزهري وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فأجمعوا على أن كل دم أو مال أو قرح أصيب بتأويل القرآن فهو هدر أنزلوهم منزلة الجاهلية وقد روى مالك
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 581 582 583 584 ... » »»