وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره فهذه الأصول إلي اتفقت عليها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه ولم يؤمن بها حقيقة الإيمان إلا اتباع الرسل وأما أعداؤهم ومن سلك سبيلهم من الفلاسفة وأهل البدع فهم متفاوتون في جحدها وإنكارها وأعظم الناس لها إنكارا الفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر فإن مذهبهم ان الله سبحانه موجود لا ماهية له ولا حقيقة فلا يعلم الجزئيات بأعيانها وكل موجود في الخارج فهو جزئي ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته وإنما العالم عندهم لازم له أزلا وأبدا وإن سموه مفعولا له فمصانعة ومصالحة للمسلمين في اللفظ وليس عندهم بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه وينفون عنه سمعه وبصره وسائر صفاته فهذا ايمانهم بالله واما كتبه عندهم فإنهم لا يصفونه بالكلام فلا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر زاكي النفس طاهر متميز عن النوع الإنساني بثلاث خصائص قوة الإدراك وسرعته لينال من العلم أعظم ما يناله غيره وقوة النفس ليؤثر بها في هيولى العالم يقلب صورة إلى صورة وقوة التخييل ليخيل بها القوى العقلية في اشكال محسوسة وهي الملائكة عندهم وليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان واما اليوم الآخر فهم أشد الناس تكذيبا وإنكارا له في الأعيان وعندهم أن هذا العالم
(٣٣٣)